البراق شادي عبد السلام:فشل الوساطة الوهمية جزء من ديبلوماسية مكبرات الصوت الجزائرية ..

البراق شادي عبد السلام:فشل الوساطة الوهمية جزء من ديبلوماسية مكبرات الصوت الجزائرية .. البراق شادي عبد السلام
تصريحات الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون حول مبادرة الملك الأردني عبد الله الثاني للوساطة في الأزمة الجزائرية -المغربية يندرج في صيرورة نمطية تعتمدها الديبلوماسية الجزائرية منذ عقود بعنوان عريض هو: ديبلوماسية مكبرات الصوت وذلك بنشر الأخبار الزائفة وتضليل الحقائق وادعاء أحداث كاذبة وتحقيق انتصارات وهمية خدمة لأجندات داخلية وخارجية.
مصادر هذه المعلومات كانت تقارير صحفية إسبانية تلقفتها بعض المنابر في المغرب والجزائر وأعادت نشرها بإضافة البهارات على سبيل تحقيق السبق الصحفي.
المملكة المغربية لطالما كانت مواقفها واضحة اتجاه الجزائر بتوجه ديبلوماسي واقعي يعتمد على الصراحة والمسؤولية بدون خلفيات أو أي محاولة لتأجيج الوضع أو خلق أزمات سياسية، لطالما كانت ردود الديبلوماسية المغربية على مواقف الجزائر الانفعالية تتسم بالحكمة السياسية والتدبير العقلاني والهدوء الاستراتيجي الذي يضمن المصالح العليا للشعب المغربي.
المملكة المغربية لطالما تستحضر الجانب الأخلاقي في صياغة ردود أفعالها على تجاوزات وتصريحات وأفعال ديبلوماسية وسياسية واقتصادية تهم البلدين مراعاة للعلاقات الحضارية العريقة بين الشعبين المغربي والجزائري والواقع المشترك بين الدولتين من لغة ودين وتاريخ ومصير مشترك.
من جانب آخر فالعلاقات المغربية -الأردنية هي علاقات استراتيجية بين البلدين والشعبين تسندها علاقات أخوية عميقة بين الأسرة العلوية الشريفة و الأسرة الملكية الهاشمية بالإضافة إلى الموقف الدائم للأردن بدعم الوحدة الترابية المملكة المغربية و القنصلية الأردنية في الصحراء المغربية خير دليل على هذه الحقيقة التاريخية وعليه فأي وساطة أو تحرك ديبلوماسي أردني لصالح المغرب سيكون بالضرورة بتنسيق مع المغرب و أجهزته الديبلوماسية ، لذا فمن غير المنطقي أن نستقي أخبارا عن وساطة أردنية من مواقع إسبانية مجهولة المصدر أو نعتمد على تصريح الرئيس الجزائري لتأكيد نفيها من صحتها .
في ظل غياب أي تصريح أو بلاغ من وزارة الخارجية المغربية فإن خبر هذه الوساطة يبقى خبرا زائفا طالما أن مصدرها كان من مواقع إسبانية و نفيها كان على لسان الرئيس الجزائري شخصيا وبالتالي فإشاعة هذه الوساطة تخدم الطرف الجزائري بشكل أساسي و تظهر أن الأزمة الديبلوماسية المفتعلة من طرف الجانب الجزائري المتضرر الرئيسي منها هو النظام الجزائري نفسه الذي بسبب عدم تقديره للموقف الاستراتيجي أضاع حصة معتبرة بالسوق الإسبانية من الغاز الطبيعي الذي تعوضه حاليا الصادرات الأمريكية والقطرية .
هذا النظام الذي كان يراهن على خلق أزمة طاقة في المغرب تنتهي بشتاء قارس قد يؤدي لاضطرابات شعبية أو احتجاجات، انتهى بهزيمة ديبلوماسية متعددة الأبعاد حصدتها الجزائر في الملف الإسباني حيث تم تكريس الموقف الإسباني الواضح والغير قابل للتأويل من قضية الوحدة الترابية وفضيحة بنبطوش المخزية وتداعياتها على السياسة الخارجية لمدريد وهزيمة اقتصادية بفقدان جزء مهم من حصة الغاز الجزائري في السوق الإسبانية وتوجه مدريد لتعويض الإمدادات الجزائرية بشكل نهائي بسبب عدم ثقتها في مواقفه السياسية وانعكاساتها على الاتفاقات التجارية بين البلدين .
من جانب آخر فإن تحركات الجزائر و تصريحات الرئيس الجزائري سواء الحديث عن وساطة أردنية أو زيارة مرتقبة لولي العهد السعودي إلى الجزائر أو التحدث عن العلاقات مع الدول العربية يظل هدفها الأساسي هو محاولة لعب دور سياسي في الملف الفلسطيني لاكتساب أوراق ضغط تستخدمها في التموقع العالمي أو لتصريف أزماتها الداخلية بادعاء تحقيق انتصارات خارجية .
المغرب - الأردن - السعودية - مصر - الإمارات هي الدول التي تشكل المحور العربي الفاعل في الملف الفلسطيني ، فالمملكة المغربية الشريفة تترأس لجنة القدس و تشرف على بيت مال القدس و المملكة الاردنية الهاشمية فإن الملك الأردني هو الوصي على الاوقاف الإسلامية في فلسطين والمملكة العربية السعودية هي من قدمت المبادرة العربية للسلام كإطار مرجعي لحل سياسي في الشرق الاوسط و جمهورية مصر العربية هي أول دولة عربية توقع اتفاق سلام مع إسرائيل و بالتالي تشكل صمام أمان في الصراع العربي / الإسرائيلي و دولة الإمارات العربية المتحدة هي من أهم الدول المهتمة باتفاقات السلام الإبراهيمية.
الجزائر حاليا و بشكل يائس تبحث على موطئ قدم في الملف الفلسطيني و ذلك بابتداع آلية عربية لمواكبة و تتبع اتفاق المصالحة الفلسطيني الذي وقعته الفصائل الفلسطينية بالجزائر قبيل القمة العربية الأخيرة وعلى هذا الأساس يتحرك الرئيس عبد المجيد تبون عربيا بزيارات متعددة إلى مختلف الدول العربية و حضور مختلف المواعيد و عقد لقاءات على هامشها كما حدث في إفتاح كأس العالم بقطر رغم عدم مشاركة بلده لا رياضيا ولا تقنيا في هذه التظاهرة، لكن بغرض إظهار الجزائر كدولة تمتلك شبكة علاقات دولية و إلتقاط صور ومقاطع فيديو مع قادة وزعماء يتم تسويقها داخليا في الجزائر بأن وهم القوة الإقليمية هو حقيقة وليس بروباغاندا بومدينية يسوقها النظام .
المشاهد الرائعة التي وردت من داخل الاراضي الفلسطينية لتشجيع مختلف أطياف الشعب الفلسطيني للمنتخب المغربي ورفع رايات المملكة المغربية الشريفة في قلب فلسطين والقدس وغزة أصاب نظام المرادية بالسعار وبحالة من الإحباط رغم محاولاتهم الإضرار بصورة المملكة المغربية لدى الشعب الفلسطيني بترويج خطابات الكراهية ضد الشعب والدولة المغربية على خلفية القرار السيادي المغربي بإعادة العلاقات مع دولة إسرائيل.
الأزمة المفتعلة مع المغرب والإجراءات الديبلوماسية الأحادية الجانب التي اتخذتها الجزائر أصبحت تشكل عبئا سياسيا على النظام الجزائري خاصة وأن محيطه الإقليمي يعج بالكثير من الأنظمة الفاشلة أو التي تغرق في مشاكل داخلية سياسية واقتصادية واجتماعية صعبة .
التصعيد الجزائري الجديد من خلال تصريح الرئيس عبد المجيد تبون بأنه العلاقة مع المغرب تجاوزت مرحلة الوساطة هو يؤكد على ترنح الموقف الجزائري و محاولة البحث على مخرج سياسي لأزمته الداخلية .
المملكة المغربية من خلال الديبلوماسية المغربية بمواقفها الرصينة التي تعكس حكمة ورزانة وتعقل الأمة المغربية على مر التاريخ بالحفاظ على اللباقة الدبلوماسية والثبات الإنفعالي، لم ولن تنجر وراء التصعيد العبثي و اللاعقلاني ،كلما حاول جنرالات الدم أن يوقدو نارا للحرب و البارود في المنطقة، المملكة المغربية الشريفة بكل هدوء تقدم درسا للعالم في السلم و الحفاظ على السلام الإقليمي و حسن النية والاحترام الكامل للأعراف والثوابت الديبلوماسية من منطق القوة و الجرأة واعتبار السيادة خط أحمر، بل الأجمل هو تجاوز المغرب نظام العصابة العسكرية وحماقاتها بالتأكيد في كل مرة على العلاقات العريقة مع الشعب الجزائري الشقيق في أفق بناء مغرب الشعوب .
الرد الاستراتيجي للمملكة الشريفة إزاء هذا العبث هو الإستمرار في تحصين الجبهة الداخلية وذلك بالالتزام بتنزيل مضامين وتوصيات النموذج التنموي الجديد والإنخراط في أوراش التنمية المستدامة والحرص على الحكامة في التدبير والعمل على حماية الاستقرار والأمن في ظل دولة المؤسسات القوية في مغرب دامج متضامن مزدهر وجريئ ومستدام تحت قيادة الملك محمد السادس.