دشنعدد من سلفيي دول المغرب العربي الخمس، لقاءهم في مدينة إسطنبول التركية، الجمعة 6 يونيو 2014، بتأسيس"رابطة علماء المغرب العربي". وإذا كان البعض يرى أن الرابطة جاءتكرد على انحراف "رابطة علماء المسلمين" التي حولها الشيخ القرضاوي إلى هيئة سياسية تابعة لجهات ما تصرف مواقفها وتعبر عن وجهة نظرها السياسية، فإن الشيخ السلفي حسن الكتاني الذي يقود جمعية البصيرة "رابطة علماء المغرب العربي"، أكد في اتصال هاتفي مع "أنفاس بريس"، أن الرابطة لا تشكل هيئة بديلة عن رابطة علماء المسلمين التي تبقى انشغالاتها عامة. وأضاف أنه إذا كانت أغلب انشغالات رابطة علماء المسلمين ذات طابع مشرقي، فإن انشغالات رابطتنا المغاربية، يضيف حسن الكتاني، تطمح إلى تكون انشغالاتها مغاربية عبر خلق جسور التواصل العلمي الثقافي والفكري داخل منطقة المغرب العربي.
ولئن اعتبر حسن الكتاني أن الإكراهات الأمنية المتمثلة في الأوضاع التي تعيشها أغلب البلدان المغاربية بعد الربيع العربي، من جهة، ونظام التأشير "الفيزا" الذي يشكل عائقا إداريا من جهة ثانية، هو ما جعل السلفيين المغاربيين يجتمعون في تركيا عوض الاجتماع في بلد مغاربي، فإن ذلك لم يمنع الأستاذ منتصر حمادة، الكاتب والباحث في شؤون الحركات الإسلامية، التساؤل حول "لمَ جاء التأسيس من تركيا، وهل يتعلق الأمر فعلا بعلماء أو فقهاء أو دعاة أم ماذا بالضبط؟ ولو أن بعض الموقعين، حسب المتحدث، يُمكن أن يُصنف في خانة العلماء المشهود لهم بالكفاءة العلمية، بخلاف العديد من الموقعين، الذي يصعب ولا يستقيم بالمرة التفتيش في نوايا حضورهم، أخذا بعين الاعتبار تواضع عدتهم العلمية، لولا أن الزمن كفيل بالكشف عن تطلعات ومبادرات، وربما حسابات هذه الرابطة. و أشار منتصر "أن هناك تغييبا واضحا في الحديث عن المرجعية السلفية التي تكاد تكون القاسم المشترك في مرجعية أغلب الموقعين، مقابل تمرير مصطلحات ظلت دوما لصيقة بهذه المرجعية، من قبيل "المنهج الرحب لأهل السنة والجماعة"، والإشارة أيضا إلى ركوز سلفية إصلاحية (لا علاقة لها البتة بالمرجعية السلفية الوهابية التي تصنع الحدث الديني والأمني في المنطقة حاليا)، بل تم الاستشهاد برموز إصلاحية تنهل من مرجعية صوفية، وهذا يُحسب على موقعي الأرضية، لأن التديّن المغاربي عموما، ظل عصيا على الاختراق السلفي الوهابي، لأنه متجذر في تديّن تقليدي، أو صوفي أو طرقي.
ولعل إصرار البيان التأسيسي للرابطة على الإشارة (منذ السطر الأول) إلى مقر عمل وانشغالات الرابطة (المغرب العربي دون سواه)، يروم أقلمة التديّن السلفي في المنطقة. وهنا تبزغ أسئلة جديدة، إذ كيف تراهن رابطة على "تحصين المجتمعات المغاربية من الفكر الدخيل، وتحريرها من كل أشكال التبعية، ومعالجة أسباب الغلو والتطرف، ونشر قيم التسامح والوسطية والاعتدال"، إذا علمنا أن التديّن السلفي الوهابي بعيد عن نشر قيم التسامح والوسطية والاعتدال (المتديّن الذي ينهل من مرجعية صوفية مثلا، لا يُفجر نفسه، بخلاف السلفي الوهابي، في شقه "الجهادي" الذي يكفر ويفسق ويُفجر نفسه).
ولعل أهم رهان يُوجه، يقول حمادة منتصر، أعضاء الرابطة من الذين امتلكوا شجاعة الإقرار بأنهم يتمنون أن يُجسدون "امتداداً للحركات الإصلاحية في بلادنا" (دون أي إحالة على الحركات الإسلامية المعاصرة، التي تفرعت إلى تيارات وأحزاب..) يكمن تحديدا في الانتصار لتلك المشاريع الإصلاحية النوعية التي مرت منها المنطقة المغاربية على عهد بعض الأعلام، من الذين جاء ذكرهم في بيان الرابطة، من طينة محمد بن العربي العلوي والمختار السوسي ومحمد الطاهر بن عاشور في تونس، وعبد الحميد بن باديس. وواضح أن أغلب رموز الحركات الإسلامية لا يصل إلى المكانة العلمية والإصلاحية لهذه الرموز بالرغم من التفاوت الزمني بين تلك المرحلتين، فهل يمكن أن يتحقق ذلك بأن يكون أعضاء الرابطة في مستوى هذه الأعلام؟ سؤال آخر ضمن أسئلة معلقة خاصة ولصيقة المولود بهذا التنظيمي الجديد.
عبد المجيد بن الطاهر