هل سيحرر ساجد أحياء البيضاء من غزو «الرموكات»؟

هل سيحرر ساجد أحياء البيضاء من غزو «الرموكات»؟

معاناة الحاج عبد الكبير مع «الرموكات» يمكن أن نعتبرها صورة مصغرة لفوضى تتخبط فيها غالبية أحياء مدينة الدار البيضاء. فمشهد «الرموكات» والشاحنات وهي تحتل الحي وتجثم على أنفاس قاطنيه يتكرر في العديد من مقاطعات الدار البيضاء خاصة الضاحوية منها، وهي الحقيقة التي وقفت عليها «الوطن الآن» وأكدها عدد من سكان الأحياء المتضررة

 

إعداد: يوسف خطيب

 

ينخرط الحاج عبد الكبير يوميا في نقاشات حادة ومناوشات تتطور في كثير من الأحيان إلى صدام مع عدد من سائقي شاحنات نقل البضائع، الأمر الذي جعله يعيش جحيما يوميا يتكرر كل مساء عندما يقصد عدد من السائقين حيه من أجل ركن شاحناتهم. إذ من سوء حظ الحاج عبد الكبير، الذي يقطن في مقاطعة مولاي رشيد بالدار البيضاء، أن منزله يوجد أمام ساحة فارغة يستغلها أرباب الحافلات والشاحنات من أجل ركن عرباتهم، وهو أمر يقلق راحة سكان الحي بصفة خاصة. معاناة الحاج عبد الكبير مع "الرموكات" يمكن أن نعتبرها صورة مصغرة لفوضى تتخبط فيها غالبية أحياء مدينة الدار البيضاء. فمشهد "الرموكات" والشاحنات وهي تحتل الحي وتجثم على أنفاس قاطنيه يتكرر في العديد من مقاطعات الدار البيضاء خاصة الضاحوية منها، وهي الحقيقة التي وقفت عليها «الوطن الآن» وأكدها عدد من سكان الأحياء المتضررة.

محمد محفوظي، رئيس جمعية التنمية لمهني وتجار الولاء بمقاطعة سيدي مومن، واحد من السكان المتضررين الذين تشبه معاناتهم كثيرا معاناة الحاج عبد الكبير، إذ تشكل الشاحنات التي تستقر وسط تجمعاتهم السكنية خطرا كبيرا على السكان -يقول محفوظي- مضيفا في حديثه مع "الوطن الآن"، "خصوصا عندما تكون "الرموكات" محملة بمواد خطيرة سريعة الاشتعال كقنينات الغاز والبنزين وغيرها من المواد. ففي حي التشارك مثلا نجد أن الشاحنات تقف بكثرة أمام المؤسسات التربوية خاصة المدارس الابتدائية. وتتعدى هذه الشاحنات على حرمة المساحات الخضراء مما يعرضها للتلف، دون أن ننسى ما يسببه وقوف هذه الشاحنات وعربات الوزن الثقيل من اختناق مروري وصعوبة ولوج بعض الأحياء السكنية".

لكن ما زاد في تأزم الوضع وتفاقمه هو حياد السلطات المعنية، سواء الجماعية أو الأمنية، إذ رغم الشكايات الكثيرة التي وجهها سكان الأحياء المتضررة من غزو "الرموكات"، فلا أحد تدخل، يقول كمال من سكان حي أناسي "رغم أن الأماكن التي تقف فيها شاحنات نقل البضائع تكون دائما مرتعا للفساد والجريمة وانتشار الأزبال، بل تشكل نقطة سوداء، الأمر الذي يستوجب على المسؤولين التفكير بجدية في توفير محطات الوقوف لهذا النوع من الشاحنات وعربات الوزن الثقيل، خصوصا أن سائقيها يضطرون لركنها في الأحياء التي يقطنون بها".

تضمن جدول أعمال الدورة العادية لمجلس المدينة لشهر فبراير 2014، والتي انعقدت يوم الخميس 27 مارس 2014، مشروع قرار جماعي يتعلق بشروط سير ووقوف عربات الوزن الثقيل لنقل البضائع، رغم أن المجلس لم يصادق على هذه النقطة، وتم تأجيلها لدورة أبريل القادمة. إلا أن هذا القرار خلف ردود فعل متباينة لدى مهنيي النقل وعدد من سكان الدار البيضاء. فبالنسبة للعديد من المواطنين خصوصا الذين يكتوون بنار شاحنات نقل البضائع والحافلات، فإن قرار الجماعة الحضرية للدار البيضاء إذا تم اتخاذه فهو قرار إيجابي وأحد المطالب الأساسية لعدد من جمعيات ووداديات الأحياء، لاسيما الأحياء والتجمعات السكنية المتضررة من احتلال هذه الآليات الكبيرة للأزقة والشوارع والملاعب وحتى المناطق الخضراء رغم قلتها في غالبية أحياء المدينة. إذ يرابط سائقو الشاحنات الكبيرة "الرموكات" وسط الأحياء والأزقة متسببين في مشاكل كثيرة لسكان تلك الأحياء. إذا كان بعض سكان المدينة مع وضع شروط تنظيم سير ووقوف عربات الوزن الثقيل، فإن مهنيي القطاع لم يعجبهم القرار خصوصا في ما يسمونه الطريقة الانفرادية التي تم بها صياغة فصول مشروع القرار الجماعي (8 فصول)، حيث صرح عدد من سائقي الشاحنات أنهم لا علم لهم بهذا القرار وأن السلطات المحلية لم تتواصل معهم ولم تأخذ بمقترحاتهم. بمعنى أن أكثر من 8000 سائق مهني يعمل في قطاع المسافرين والبضائع بالبيضاء، لا علم لهم بقرار الجماعة الحضرية. صحيح أن غالبية السائقين الذين تحدثت إليهم "الوطن الآن" يقرون بمعاناة السكان، لكن بالمقابل يشهرون في وجه المسؤولين حججا كثيرة تجعلهم يضطرون مرغمين على غزو الأحياء والأزقة وحتى المساحات الخضراء. أول هذه الحجج هي تنصل الدولة عن الوفاء بالتزاماتها وإحداث محطات للوقوف بكامل مرافقها. هذا مع العلم أن الوزارة الوصية خصصت 2.5 مليار درهم كاستثمار عمومي مرصود لتطوير المناطق اللوجستيكية بجهة الدارالبيضاء. وهو الأمر الذي فنده مصطفى الكيحل، الكاتب العام للفدرالية الوطنية لمهنيي النقل المنظوية تحت لواء الاتحاد الديمقراطي المغربي للشغل، والذي اعتبر أن هناك اتفاقيات تجمعهم مع الوزارة الوصية تتعلق بموضوع محطات وقوف الشاحنات وعربات الوزن الثقيل على مستوى الدار البيضاء، "حيث قدمت لنا الوزارة، يقول، مجموعة من الوعود تتعلق بتخصيص محطات الوقوف بالمدينة. لكن اليوم نفاجأ أن الموضوع انتقل لمجلس مدينة الدار البيضاء الذي يستعد لإصدار قرار جماعي يتعلق بشروط تنظيم سير ووقوف عربات الوزن الثقيل لنقل البضائع". ويضيف الكيحل «نحن كمهنيين نحتج ونستنكر طريقة تعامل المسؤولين مع هذا الملف وعدم إشراك المهنيين فيه والأخذ بمقترحاتهم، أو إذا صح التعبير العمل بالاتفاقيات الملزمة التي وقعها المهنيون مع الوزارة الوصية، لأن هذا القرار الجماعي الذي تستعد الجماعة الحضرية للبيضاء للمصادقة عليه، هو ضرب لجميع الاتفاقيات التي وقعناها مع وزارة التجهيز والنقل». ويحمل الكاتب العام الحكومة المسؤولية الكاملة قائلا: "بل حتى الحكومة الحالية لم تول أي اهتمام لهذا الموضوع، وهذا أمر مرفوض. فالحكومة، ولحد الساعة، لا تتوفر على إستراتيجية واضحة لقطاع اللوجستيك وللنقل الطرقي بالبيضاء. إذ ما زال القطاع تحت سيطرة لوبي يستعمل كل الوسائل من أجل إقصاء المهنيين وتهميشهم. كما أن استنساخ التجارب الأجنبية ومحاولة إسقاطها على الواقع المغربي هو أمر يحمل بين طياته مغامرة خطيرة، لأن تهميش المهنيين وعدم إشراكهم في قرارات تحدد مصيرهم ومستقبلهم قد تكون له عواقب وخيمة على مستقبل القطاع".

قد تكون تساؤلات المهنيين وتخوفاتهم ومعاناة السكان وشكاياتهم الكثيرة، مدخلا رئيسيا لإنجاح وتفعيل قرار العمدة ساجد، لكن وكي لا يبقى القرار حبرا على ورق فإن أهم عنصر من عناصر نجاحه هو تخصيص محطات للوقوف بمواصفات دولية في العديد من مناطق المدينة. فهل سينجح العمدة ساجد فيما فشل فيه عبد الإله كيران؟

 

عبد الرحيم الشناوي، رئيس المركز المهني لتنمية السلامة والنقل

لسنا ضد القرار، ولكن أين البديل؟

 مشروع مقرر جماعي يهدف لتنظيم ووقوف عربات الوزن الثقيل لنقل البضائع، هو مشروع تم عرضه على أنظار الدورة الأخيرة لمجلس بلدية البيضاء، وهو يدخل حسب علمي ضمن المخطط الأخضر لمدينة الدار البيضاء، حيث أن شاحنات الوزن الثقيل ليس لها الحق الوقوف في وسط المدينة أو التجول وسط شوارعها وأحيائها إلا بشروط معينة وبقرارات مسبقة. في اعتقادي القرار جيد إذا تم تطبيقه، لأنه سيحقق نوعا من السيولة على مستوى السير والجولان في مدينة الدار البيضاء. لكن على المسؤولين اتخاذ تدابير استباقية قبل الشروع في تنفيذ هذا القرار الجماعي. إننا عندما نقيد حركة ووقوف عربات الوزن الثقيل وسط المدينة، فأين يمكن لهذا النوع من الشاحنات أن تقف؟ بمعنى أن المدينة ملزمة لإنجاح هذا البرنامج توفير محطات الوقوف مجهزة ومتوفرة على جميع البنيات التحتية من مرافق صحية وغيرها.. وهذا كان مطلبا دائما ولا يزال للمهنيين الذين سبق لهم أن طالبوا بمحطة للوقوف، خصوصا على مستوى الميناء، حيث ستمكن هذه المحطة من حصر الشاحنات داخل الميناء.

لكن للأسف الشديد لم يستجب لهذا المطلب. في نظري المشكل المطروح هو أن المسؤولين عن الشأن المحلي بالمدينة لم يستشيروا مع المهنيين قبل وضع هذا القرار، بل هناك من المهنيين حاليا لا علم لهم بهذا القرار وفصوله. وكي لا نكون سلبيين أظن أن القرار قد يكون إيجابيا ومهما إذا تم مصاحبته بعدد من الإجراءات مثل وضع علامات التشوير وتوسعة الطرق وإصلاحها، وإحداث محطات للوقوف لهذا النوع من الشاحنات وعربات الوزن الثقيل. عموما القرار سيكون إيجابيا إذا تم تدارك الثغرات، لأنه سيساهم في عدم اختناق الطرق والتقليص من التلوث البيئي. بالمقابل لا يمكن إنجاح المشروع إلا بالجلوس مع مهنيي القطاع الذين يعانون من مشاكل كثيرة. فشدة الضغط يمكن أن تولد الانفجار خاصة عندما يتم تفعيل مثل هذه الإجراءات بدون استشارة المهنيين وبدون أخذ وجهة نظرهم.

 

فصول مشروع قرار جماعي يتعلق بشروط تنظيم سير ووقوف عربات الوزن الثقيل لنقل البضائع

+ الفصل 1: يحدد هذا القرار الشروط التي وفقها يتولى رئيس المجلس الحضري للدار البيضاء تنظيم سير ووقوف عربات الوزن الثقيل داخل النفوذ الترابي للجماعة الحضرية للدار البيضاء.

+ الفصل 2: يتم وضع قرار تنظيمي لسير ووقوف عربات الوزن الثقيل باستحضار المعايير التالية:

- طبيعة الأنشطة المخصصة لها المناطق داخل تراب الجماعة (صناعية، تجارية، سكنية)؛

- حالة المحاور الطرقية وقدرتها الاستيعابية؛

- وزن وحمولة كل صنف من عربات الوزن الثقيل المخصصة لنقل البضائع.

+ الفصل 3: يكون موضوع القرار التنظيمي المشار إليه على سبيل الأولوية هو:

- تنظيم السير على المحاور الطرقية والذي يتضمن إجراءات الحد -زمانيا ومكانيا- من سير وجولان بعض أنواع عربات نقل البضائع إما بالنظر لطبيعة البضائع وخطورتها وإما باعتبار حجم ونوعية العربة وحمولتها، وإما اعتبارا لحالات استثنائية كالعربات الناقلة لبعض الاليات أو العربات المتنقلة على شكل كوكبة أو قافلة؛

- تنظيم وقوف العربات المذكورة، إما بصفة مستمرة أو لغرض الشحن والإفراغ أو من أجل تسليم البضائع والإرساليات.

+ الفصل 4: حين إعداد أي قرار تنظيمي له علاقة بموضوع سير ووقوف عربات الوزن الثقيل المخصصة لنقل البضائع، تتم استشارة اللجنة الدائمة للسير والطرق المحدثة بمقتضى دورية وزير الداخلية رقم 631.5 بتاريخ 1969/09/28والمتكونة من: ممثل السلطة المحلية، ممثل الجماعة الحضرية، ممثل إدارة الأمن الوطني، المهندس الجماعي رئيس قسم الأشغال، ممثل مديرية التجهيز والنقل واللوجستيك، ممثل الوقاية المدنية، ممثل أي إدارة أو مؤسسة يمكن أن يكون حضورها مفيدا.

+ الفصل 5: تتولى اللجنة أعلاه اقتراح محاور سير ووقوف عربات الوزن الثقيل زمانيا ومجاليا وفق المعايير أعلاه.

+ الفصل 6: تتولى المصالح الجماعية، بعد استنفاذ الإجراءات المسطرية، تنزيل القرار الجماعي المنظم لسير ووقوف عربات الوزن الثقيل بواسطة إشارات التوجيه والتشوير المعتمدة قانونا.

+ الفصل 7: بغض النظر عن المقتضيات أعلاه، يمكن الترخيص استثناء بالسير والجولان أو الوقوف بواسطة ترخيص فردية -حسب الحالة- قد تحدد فيه بكل دقة زمان ومكان الترخيص الاستثنائي.

+ الفصل 8: يعهد بتنفيذ هذا القرار بعد التأشير عليه لكل من المصالح الجماعية والمصالح الممثلة في اللجنة المومأ إليها أعلاه، كل في حدود اختصاصاته.

(هذا هو المشروع المطروح على أنظار منتخبي البيضاء في دورة أبريل).