ونحن على بعد أيام من تخليد الذكرى 47 للمسيرة الخضراء، من حقنا طرح السؤال التالي بكل جرأة: من هي الدولة التي تخوض حربا لاستكمال وحدتها الترابية وتتحمل المجهود الحربي دون أن يدب الوهن في مفاصلها لمواجهة التحديات والإكراهات لإعمار الصحراء: لا يوجد إسمان، بل هناك اسم لدولة واحدة في العالم اسمها المغرب.
فرغم دسائس كوريا الشرقية ودسائس الدولة العميقة بفرنسا، ورغم الإكراهات المالية والدولية، ظل رأس المغرب مرفوعا وظلت الإمدادات تتدفق على الأقاليم الجنوبية ولم ينقطع أي تمويل ولم ترتفع أي أسعار ولم يتوقف تجديد العتاد العسكري أو تتعطل دينامية بناء الثكنات المغربية، لا بل وانخرط المغاربة بعد خطاب 6 نونبر 2015 - في برنامج تنموي بغلاف 77 مليار درهم خاص بالصحراء( ارتفع فيما بعد الى 85 مليار درهم)، يشمل أوراشا مهمة مهيكلة للتراب الوطني (طريق سريع تيزنيت، الداخلة، ميناء الداخلة الأطلسي، مجمعات ضخمة للمجمع الشريف للفوسفاط، كليات...إلخ).
ثم جاء خطاب 6 نونبر 2019 ليطوي الملك محمد السادس ملف الصحراء طيا أبديا، بإرسال ميساج للعالم عبر الإعلان عن معطى جغرافي سيقلب المعادلة مستقبلا. هذا المعطى المرتبط باسترجاع المغرب للصحراء وماتبع ذلك من جعل أكادير تتوسط المغرب والحاجة إلى أن يكون هذا الوسط (أكادير) هو حلقة الوصل الجديدة بين أقصى نقطة في شمال المغرب (طنجة) وأقصى نقطة في جنوبه (الكويرة). ولن يتحقق ذلك إلا بإنجاز خط سككي يربط بين مراكش بأكادير في أفق إيصال القطار إلى العيون. ليكون الإعلان عن هذا المشروع المهيكل تجسيدا لانخراط المغرب منذ 1975 في ضخ الاستثمارات اللازمة لإعمار الصحراء التي استرجعها المغرب من الاستعمار الإسباني وهي أرض جرداء خالية من أي عنوان عمراني، بشكل تطلب تضحيات كبرى من المغاربة بلغت 124 مليار درهم، لتكون مدن الصحراء أحسن من مدن دول أخرى مجاورة غنية بنفطها وغازها، وبشكل جعل المغرب يربح الرهانات مقارنة مع دول أخرى، عانت من تمزيق ترابها ووحدته كألمانيا والفيتنام التي بادرت إلى إعمار ترابها المسترجع في ظرفية سلمية، عكس المغرب الذي لم يكن عليه فقط تنمية وإعمار الصحراء بل وكان عليه خوض حرب فرضت عليه من طرف الجزائر والبوليساريو.
فطوبى للمغرب والمغاربة الذين ربحوا الرهان وتحدوا مؤامرات الأعداء !