بسبب ما حدث في طنجة وسطات: هل نحن في زمن الأوراش أو في زمن الهراوات وتعنيف الطلبة؟

بسبب ما حدث في طنجة وسطات: هل نحن في زمن الأوراش أو في زمن الهراوات وتعنيف الطلبة؟

ما حدث يوم الخميس 27 مارس 2014، بالمدرسة الوطنية للتجارة والتسيير  بطنجة، كان بالغ العنف وذلك إثر إقدام عشرات من عناصر التدخل السريع على اقتحام المؤسسة والاعتداء الجسدي على الطلبة الذين كانوا قد اتخذوا قرار الاعتصام لمدة يومين، بعد أن تبين لهم غياب التفاعل الإيجابي مع مطالبهم بإصلاح شؤون وطريقة تدبير مؤسستهم التي أعلنوها منذ فبراير الماضي، وضمنها أساسا فتح تحقيق في نتائج امتحانات الدورة الأولى التي يرى الطلبة بأن تلاعبات قد تكون مست مستوى التصحيح، بدليل أن نسبة الناجحين في السنتين الثالثة والرابعة لم تتجاوز 10 في المائة، وأن عددا كبيرا من الطلبة تراوحت نقطهم ما بين واحد و9 على عشرين.

 

إعداد: المهدي غزال

 

خطورة هذا الاقتحام لا تتمثل فقط في الاعتداء على طلبة لا ذنب لهم سوى أنهم يرفعون، منذ 17 فبراير 2014، الحق في الإنصاف والإنصات لهم بعد أن خالفت المؤسسة تعهدها بالاستجابة للملف المطلبي في منتصف مارس؛ ولكن كذلك في كونها تتم في اللحظة التي كان سكان البوغاز يتهيأون لاستقبال الملك الذي سيزورهم لإطلاق مشاريع تنموية كبرى تشكل جزءا من برنامج «طنجة الكبرى». ومع ذلك فقد كان للقرار الأمني اختيار آخر: إفساد مزاج المدينة، مما يعطي الانطباع بأن المغرب يبدو كما لو يعيش في اللحظة الراهنة زمنين:

زمن الأوراش التي يرعاها الملك شخصيا من أجل انخراط بلده في أفق التحديث والتجاوب مع حاجيات المواطنين في الشغل والطب والاقتصاد، وزمن لغة الهراوات وانسداد الحوار وتعنيف الطلبة المفترض أنهم يشكلون جزءا من رأسمالنا الرمزي ومن نخبتنا العلمية والتقنية.

هنا تظهر المفارقة، فالملك يزور طنجة لدعم مشاريع الاستثمار، ولصياغة الرسائل نحو العالم بتبني المغرب لعقيدة العلم والعمل والإنصاف المجالي، في ما توجد المقاربة الأمنية في واد آخر. إنها بالاعتداء على الطلبة تعتدي على قيمة العلم، وتبعث في نفس الوقت برسائل تفيد بأنها لا تزال تقيم في زمن الانتقال بتردد كبير، وبأن مطلب مراجعة أوراق التصحيح هو عمل غير مشروع، وقد يكون من شأنه المس بالأمن العام. وهذه فكرة تقليدية تعود بنا إلى «البيداغوجية العتيقة»، الوجه البشع للسياسة العتيقة. ويحق لنا أن نتساءل: كيف سيقرأ المراقبون في المحيط الإقليمي والدولي هذه المفارقات وهذا التردد، وهم يرون طلبة (مشاريع مسيرين وخبراء التجارة والمال والأعمال) يعنفون لأسباب واهية؟ ألا يمكن أن تكون إحدى الرسائل المشفرة التي يريد أن يبعث بها أصحاب «الزمن العتيق» الإمعان في إهانة التعليم العالي والمدرسة العمومية بشكل أوسع، والإمعان بموازة ذلك في إهانة المغاربة الذين لا يزالون يؤمنون بهذا التعليم، أو لا يتوفرون على إمكانيات متابعة الدراسات العليا في مؤسسات خمسة نجوم في الداخل أو الخارج؟

ما يدفع إلى هذه الافتراضات هو ما نلاحظه من لامبالاة مشابهة تجاه عدد من مؤسسات التعليم العالي العمومي. نذكر بهذا الخصوص طلبة نفس المؤسسة بمدينة سطات، والذين مارسوا عدة احتجاجات وضمنها الاعتصام للتنديد بما اعتبروه «سوء التسيير والتدبير البيداغوجي والمالي والعلمي بالمدرسة، خصوصا بالنسبة لسلكي الدبلوم الجامعي للتكنواوجيا والإجازة المهنية في تقنيات المحاسبة والمالية». بالإضافة إلى مطالبتهم برفع الحرمان عنهم حتى يتمكنوا من اجتياز مجموعة من المباريات الوطنية لإكمال دراستهم الوطنية.

وهو نفس الوضع الذي يتكرر في كل القطاع العمومي، وبأغلب المدن العلمية، حيث يطال الحيف طلبة كليات الحقوق والآداب والعلوم على حد سواء، في وقت تتمادى فيه الحكومة «الملتحية» في تعطيل مشروع الإصلاح، وإهدار الزمن السياسي، مستسلمة إلى اختيارات المؤسسات الدولية، عابثة بمستقبلنا العلمي. وهذا ما يدفعنا إلى التساؤل مرة أخرى حول ما إذا كانت هذه الحكومة تتهيأ إلى إغلاق مؤسسات التعليم العالي العمومي باتجاه خوصصة القطاع، واستقالة الدولة منه، وإهدائه على طبق من ذهب إلى الدوائر المالية المغربية والأجنبية، علما أن الذين يفكرون في مثل هذه الخطوات لن يبيعوا مساحات أرض وأسلاك وإسمنت وأحجار، لكنهم سيرهنون جزءا من العقل المغربي للمجهول، وسيهيؤون المغرب لشرط من شروط الحماية الجديدة.

 

لحسن الداودي ينشر الرعب بدل العلم بالمدرسة الوطنية للتجارة والتسيير بطنجة

تشير كل المعطيات الواردة من مدينة طنجة إلى أن ما راج عن ظهور ملامح انفراج أزمة المدرسة الوطنية للتجارة والتسيير، والوصول إلى حل توافقي بين الإدارة والطلبة. لم يكن سوى بمثابة الهدوء الذي يسبق العاصفة، ووهم زائف انخدع به جميع متتبعي مجريات القضية من الرأي العام. إذ لم يمض أقل من أسبوع على تلقي المتمدرسين وعودا بتلبية مطالبهم، حتى صدموا بما أسموه «الانقلاب على تلك الالتزامات» في تنصل سافر من كل ما خلصت إليه مجموع الاجتماعات الماراطونية السابقة، إلى درجة أنهم حملوا القائمين عن التسيير مسؤولية تحريض قوات الأمن على استعمال العنف ضدهم قبيل مرور الموكب الملكي يوم الخميس 27 مارس 2014 لدفعهم تحت تهديد الهراوات إلى الانسحاب من موقع الاحتجاج. وبذلك، سرعان ما عادت غيوم التوتر والاحتقان لتتسيد الأجواء، لكن بجرعات أكبر نتيجة فقدان عامل الثقة.

 

وعود كاذبة لقول بلا فعل

«قول بلا فعل، وضحك على ذقون الطلبة وأولياء أمورهم» كانت الخلاصة التي انتهى إليها المحتجون من طلبة المدرسة الوطنية للتجارة والتسيير بطنجة. بعد أن ذهبت آمالهم مما عقده ممثلوهم من لقاءات مع الإدارة والأساتذة أدراج الرياح، واستيقظوا على وقع كابوس العودة إلى نقطة البداية وكأن شيئا لم يكن. يقول طالب «كنا نعتقد بأن جلوسنا على طاولة النقاش كان مع أطراف مسؤولة، وتقدر ما تعهدت به. غير أننا فوجئنا بأن حديثنا لم يكن سوى لأصحاب نوايا دنيئة، وأشخاص تأصلت في نفوسهم حيل التهرب والخداع». وأضاف بأنه إن كان معنى لهذا التصرف، إنما سيكون هو تأكيد تفوق الطلبة على المسيرين في درجة النضج والوعي، ودليل قاطع على أن أسباب المشاكل يعود لإصرار هؤلاء على الوفاء لكل ما هو فاسد. ومن جهته، علق طالب آخر بأن لجوء الإدارة إلى سلوك المناورات هذا يكشف بالملموس الغطاء على وجود تجاوزات خطيرة أخرى، وما تعرى ليس إلا الرأس الظاهر من جبل الجليد الذي يظل طي الكتمان، ويخشى مهندسوه حلول لحظة فضحه. لكن، يتوعد الطالب «لن نسكت، ولن نتوقف عن احتجاجاتنا إلا عند محاكمة المتورطين في الإساءة إلينا ونيلهم جزاء كل هذا الاستخفاف بحقوقنا الطلابية». هذا، ولم يستغرب أحد الشباب لما حدث من تطورات بناء على اقتناعه من عدم انتظار تغير عقليات خبرت التمويه، من تلقاء ذاتها، في حين أن المنطق يقتضي إخضاع أصحابها لحكم المحكمة ووضعهم أمام الأمر الواقع، طالما أن مقدمات الحل الحبي لم تزدهم إلا تعنتا واستكبارا، فضلا على أن المسألة تتعلق بمصير أشخاص بذلوا كل ما في وسعهم لانتزاع مقعد في هذه المدرسة، وعلقوا آمالهم وآمال عائلاتهم على حصيلة تكوينها.

 

خدعونا بالموافقة على تلبية مطالبنا للكذب على الملك

فيما تساءلت طالبة بسخرية ناقمة عن الدافع الذي حدا بإدارة المؤسسة إلى حَبك هذا السيناريو وهي تدري عجزها عن الامتثال لكل ما نزيه وشفاف. رد زميل لها السبب إلى خلفيتين أساسيتين «أولهما محاولة كسب المزيد من الوقت ظنا منهم بأن لتماطل سيمكنهم من تخدير المحتجين وإصابتهم بنوع من التعب والانهزامية، لكن دون أن يدروا بطبيعة الحال أن صبر الطلبة غير متناهي، ودخولهم في معمعة هذا الاصطدام لن يعرف أدنى تراجع مهما كانت قوة الضغوطات وخبث التواطؤات». معتبرا تداول تلك الاختلالات إعلاميا وفضحها على نطاق واسع في مواقع التواصل الاجتماعي، ناهيك عن وصول صداها إلى قبة البرلمان، فرصة لا يمكن تضييعها من أجل وضع حد نهائي لتجاوزات رؤوس الفساد خلال مجموعة من السنين. أما السبب الثاني، يشير المتحدث، فينطوي على جريمة من جرائم الكذب على الملك وتقديم له صورة مختلفة تماما عما يشهده الواقع تستمد وللأسف مرجعيتها من الحنين لثقافة «العام زين» البائدة. ومن ثمة «لم تكن ليونة خطاب الاجتماع والتظاهر بالموافقة على مطالبنا إلا ذريعة مبيتة لضمان هدوئنا ريثما تمر الزيارة الملكية دون احتجاجات، مع أن العهد الجديد وجلالة الملك يمضيان في اتجاه مغاير تماما عنوانه الوجه المكشوف لأنه هو القادر على إبراز النقائص من أجل تداركها». ومع ذلك، يستدرك الطالب، أبى هؤلاء إلا أن يعمدوا إلى اتباع هذا النهج في أكثر القطاعات أهمية وأكبر الرهانات التي يعول عليها المغرب دون وعي أو مسؤولية الأمانة. وبخصوص هذه النقطة، ذكر الطالب نفسه بأن من ينظر لخيرة طلبة المغرب بتلك النظرة الدونية، ويحتقرهم بالمدرج وعلى أوراق الامتحانات، لن يخجله التحريض على تعنيفهم بالشارع العام، واتخاذ جميع السبل ولو كانت الترهيب للتنازل عن حقوق لا تنادي سوى بظروف مواتية للتدريس، وتدعو فقط لتطهير الوسط التعليمي من كل من يعوزه الوازع التربوي والأخلاقي. فكيف إذن يمكن ترقب عطاء جيد من أستاذ هاجسه الأول والأخير هو الربح المادي؟ وكيف لنا أن نتصور أجواء تدريسية سليمة والمسؤولين بفضاءاتها يغرقون في حسابات التمييز وتقديم المصلحة الخاصة عن العامة..؟، يستفسر الطالب قبل أن يتابع «شخصيا لا شأن لي بأن يدرس الأستاذ في أي مؤسسة خاصة، لكن شريطة ألا يؤثر ذلك سلبا على مستوى تدريسنا، أو نصير طلبة من الدرجة الثانية لا نحظى سوى بالفتات من اهتمامه». قلة الاهتمام هاته هي ما يضعها أحد الطلبة على قائمة أسباب تدني نقاط الدورة العادية، والتي لم تسفر سوى على نسبة نجاح 10 في المائة، ولعل ما يثبت تهمة هذا التورط «هو تخلفهم عن وعود إعادة تصحيح أوراق الامتحانات، حتى أننا علمنا بإتلاف بعضها وإحراق البعض الآخر. والأكيد بأنه على منوال هذه الخروقات نسجت الخطوات المهينة الموالية، والتي منها الصورة القاتمة التي ميزت يوم مرور الموكب الملكي بعد أن منعنا من التماس تدخل جلالة الملك، وتم إجبارنا على التخلي عن اللافتات التي تحمل شعاراتنا التنديدية بعد أن زُرعت فرقة موسيقية من أجل حجب أهازيجها لأصوات الطلبة الغاضبة». إنما ورغم ذلك الأسلوب القمعي، يقر صاحب الشهادة، فإن عزيمتنا لن تنكسر على أسوار التهميش، وسنتابع إصرارنا على إخراج هذا الملف إلى بر الأمان لأننا واثقون من ربح قضيته، بعد أن كسبنا مساندة فعاليات المجتمع المدني والمنظمات الحقوقية والعديد من البرلمانيين الذين نقلوا معاناتنا من مظاهر الانحراف التدبيري إلى مجلسي النواب والمستشارين.

 

موقف ممثل الأساتذة

يصعب الإقرار بوجود سلوكيات الإساءة للطلبة في ظل عدم توفر الدلائل والحجج

اشتكى مما اعتبره تجريحا للأساتذة في اجتماع يوم 15 مارس 2014، الأمر الذي دفع ممثلهم إلى الانسحاب. مذكرا أنه سبق تشكيل لجنة لإعداد تصور مع الطلبة والقيام بإحضاره يوم الإثنين 17 مارس في الساعة 12 زوالا من أجل عقد لقاء مع مدير المؤسسة. وأكد أن البيان الأول الصادر بتاريخ 4 مارس كان متفقا عليه من طرف الجميع بما فيهم الطلبة الذين انقلبوا عليه في الأخير. وفي الاجتماع الأخير المشار إليه التزم الطلبة بإعادة النظر في البيان الصادر في 4 مارس، وتقديم مقترحات من أجل تنقيحه وتقديمه إلى الإدارة، لكن لازالت الإدارة تنتظر مقترحهم لعرضه على الأساتذة وتوقيعه من طرف كل الفرقاء لغاية الشروع في الدراسة. أما بخصوص موقف عموم الأساتذة من التجريح والإهانة التي يتعرض لها الطلبة على يد بعض الأساتذة الذين اعتبرهم أقلية محدودة، فقد شدد على إمكانية اعتماد المقاربة القانونية، وهي تتوقف على مدى توفر الدلائل والحجج وشروط المخالفة التي هي شبه منعدمة بحكم أن الطالب المتضرر لم يتقدم بشكاية في الموضوع. وفي هذه الحالة يصعب الإقرار بوجود هذه السلوكيات والحكم على الموضوع . لكنه سجل وجود تراجع في النتائج مقارنه مع السنوات الأخرى. كما عبر عن إدانة الأساتذة ورفضهم لكل سلوك لا أخلاقي وغير تربوي داخل المؤسسة، وخصوصا إذا كان من الصنف المثار من طرف الطلبة، لأنه يعتبر من سقط الشارع، كما أن السب والقذف يعتبر جنحة يعاقب عليها القانون. وفيما يتعلق بالضمانات التي يطالب بها الطلبة للحيلولة دون تكرار هذه السلوكيات والممارسات المجسدة لروح الانتقام، فقد أكد أن الأساتذة ملتزمون باحترام الضمانات الأخلاقية بعد القيام بنقد ذاتي صريح، وفي حالة الخروج عن هذا النهج، فهناك المساطر القانونية . ففي حالة تكرار هذا السلوك، يقول ممثل الأساتذة، هناك إدارة المؤسسة، والإدارة الوصية، والنيابة العامة، ويبقى الطالب في هذه الحالة مخيرا بين التوصل إلى الحل الحبي في إطار التوافق، أو اللجوء إلى السلطات الإدارية المعنية من أجل رد الاعتبار.

 

ممثل آباء وأولياء الطلبة

نريد تطبيق القانون لا التماس الصدقة

عبر ممثلو آباء الطلبة عن قلقهم على مصير أبنائهم بسبب طول مدة الإضراب، واعتبروا أن أبناءهم يمرون بحالة اضطراب شديد وخوف لا يطاق عند التحاقهم بالمؤسسة كل يوم بسبب ما يتعرضون له من سوء معاملة واضطهاد على يد بعض الأساتذة، وقد انعكس ذلك على نفسيتهم وروحهم المعنوية، وخصوصا بعد الإعلان عن النتائج الهزيلة للاختبارات على خلفية النقط الصادمة. واستدل بصنف من أساتذة لا يقومون بأي مجهود، بل حريصون فقط على تضييع الوقت في المناداة على الطلبة المقيدة أسماؤهم في لائحة الحضور. وهو ما يشكل استنزافا دائما للحصص الدراسية. وتحجج أيضا بحالة إلزام بعض الأساتذة الطلبة بشراء كتبهم، بما فيها كتاب مادة الاحتمالات الذي يتضمن أخطاء فادحة. ويتساءل عن سر تعامل الأساتذة بعنف مع الطلبة، في الوقت الذي لا يعانون من أي مشكل مع إدارة المؤسسة، فالمدير يحظى بمحبة وتقدير كل الطلبة. وقد أبان منذ انفجار المشكل عن رغبته الملحة وسعيه من أجل إيجاد الحل المرضي. ولم يفت ممثلي الآباء التأكيد على حق الطلبة في الاطلاع على نقط الامتحانات، والخضوع للمراقبة المستمرة. وقد سجلوا ظاهرة غياب الطلبة عن الدراسة، وحملوا المسؤولية للأساتذة الذين لا يسلمون ورقة الغياب للإدارة، علما أن قانون المؤسسة يتسم بالصرامة لأنه يسمح بعرض حالات الغياب الغير المبرر على المجلس التأديبي. واشتكوا من ضخامة المقرر الذي يرهق كاهل الطالب ويتجاوز قدرات تحمله، حيث يدرس الطالب 12 مادة خلال الأسدس الأول، ويدرس 24 مادة خلال السنة. وأثاروا أيضا مشكل ارتفاع عدد الطلبة في قاعات الدراسة، حيث يصل العدد إلى 360 طالبا في المدرج الواحد بسبب تزايد عدد الطلاب منذ سنة 1995، إذ تضاغف العدد 3 مرات. وأبدى الآباء قلقهم على مصير أبنائهم بعد امتناعهم عن العودة إلى الدراسة بسبب غياب الضمانات. فهم يرون أن المشكل خاص، ولذلك فهو يحتاج إلى حل خاص. ومن ثمة، لابد من الاستجابة لمطالبهم. ويظل الطرف المعني بالدرجة الأولى هم الأساتذة، لأنهم مطالبون بإطلاع الطلبة على أوراق الامتحانات. وحول سوء المعاملة، تم الاستدلال بقائمة الألفاظ النابية والعبارات الساقطة والسلوكات المشينة المسجلة عن بعض الأساتذة. وقد اتضح لهم في الاجتماع الأخير عزوف هذا الطرف عن رفضه وضع حد للاختلالات والممارسات الخاطئة، بما فيها ممارسة أشكال التمييز والعنصرية على الطلبة الأفارقة، وهذا يتعارض مع السياسة الرسمية للدولة وتوجهها في هذا المجال. وأكدوا أنهم لا يريدون إلا تطبيق القانون، وليس التماس الصدقة لأبنائهم، فهم يريدون حفظ كرامة الطلبة الذين يتعرضون لشتى أساليب الاستغلال البشع، حيث يفرض أحد الأساتذة عليهم شراء نسخة جديدة من كتابه الذي يحمل صورته وإلزامهم بإحضاره من أجل التأكد، وهو أمر ينسحب على عدد من الأساتذة.

 

كرونولوجيا تفاقم أزمة المدرسة الوطنية للتجارة والتسيير بطنجة

دخل طلبة المدرسة الوطنية للتجارة والتسيير بطنجة يوم 17 فبراير 2014 في إضراب مفتوح بعد فشل كل المحاولات لاجتثاث الفتيل الذي أدى إلى تفاقم المشكل وانفجار الوضع بشكل غير مسبوق داخل هذه المؤسسة التي تضم أزيد من 1000 طالب وطالبة. ودام هذا الإضراب شهرا كاملا دون أن يفضي إلى إيجاد الحل الذي يطالب به المحتجون، وفي مقدمته حفظ كرامة الطالب وحمايته من التعسف والشطط في استعمل النفوذ من طرف بعض الأساتذة. وحسب التصريح المدلى به من طرف مجموعة من الطلبة، فإن هذا الإضراب عن الدراسة قد انطلق بالأساس ترتيبا على نتائج الدورة التي وصفوها بالكارثية، بفعل نسبة النجاح التي لم تتجاوز 10 في المائة، مما يطرح التساؤل عن مدى مصداقية التصحيح وسلامة عملية التقويم. وقد تم بالإضافة إلى ذلك تحديد مجموعة من الأسباب الداعية لاتخاذ هذا الموقف، منها جو الترهيب الذي يمر به الطلبة، والمفروض من طرف بعض الأساتذة بسبب سلوكهم الاستفزازي داخل قاعات الدراسة، ثم غياب التواصل مع الإدارة نتيجة عدم تفعيل مؤسسة مكتب الطلبة. علاوة على وجود عدد من الانتظارات الملحة، كطلب إعادة التصحيح من طرف لجنة محايدة بالنظر للمشاكل الناتجة عن غياب الشفافية في إجراء الامتحانات، وكذلك البت في السلوكيات اللاتربوية لبعض المدرسين، والتي تشمل السب والقذف والتجريح. ثم التدقيق في بعض التدابير والإجراءات اللازمة بالشكل الذي يستجيب للمطالب ويساهم في الرفع من مستوى التكوين. وقد تزامن الإعلان عن الإضراب مع تاريخ بداية الامتحانات الاستدراكية التي كانت مبرمجة في نفس اليوم وهو 17 فبراير، لكن الطلبة اختاروا المقاطعة المستمرة وتظاهروا بكثافة، مما جعل الإدارة تقوم بتأجيل الاختبارات إلى الأسبوع الموالي. وفي يوم الإثنين 24 فبراير حلت لجنة وزارية بالمؤسسة بأمر من الوزير لحسن الداودي بعد توصله برسالة في الموضوع. وبحسب تصريحات الطلبة دائما، فقد اتصف عملها بعدم الحياد حيث حاولت قلب الحقائق، وتبين ذلك من خلال تصريح الوزير نفسه الذي وصف الطلبة بالمشاغبين وعرقلة السير الدراسي للمؤسسة. ثم حدد يوم الأربعاء 26 فبراير 2014 كموعد لانطلاق الامتحانات، إنما استمر الطلبة في الامتناع بنسبة 100 في المائة دون أن يسجل أي تدخل للمس بحرية الاختيار أو إجبارهم على المقاطعة. بعد ذلك أعلنت الإدارة من جانب واحد عن استئناف الدراسة يوم 10 مارس، فأصدر الطلبة بيانا في الموضوع، أكدوا من خلاله على استمرار في موقفهم. وفي يوم السبت 15 مارس 2014 عقدت لجنة ممثلة للآباء اجتماعا مع إدارة المؤسسة بحضور رئيس الجامعة وناطقين باسم الطلبة، حصل أثناءه توافق مبدئي ظل رهينا بتوقيع جميع الأطراف. لكنه سجل غياب طرف أساسي في المعادلة وهم الأساتذة عن جميع المبادرات الهادفة إلى حل الأزمة. ونظرا لعدم التوصل إلى الحل النهائي للمشكل، فإن الطلبة استمروا في مقاطعة الدراسة مع شن إضراب مفتوح عن الطعام.