بين منظميه ومقاطعيه.. موسم أسا يحدث انقساما خطيرا في قبيلة أيتوسى

بين منظميه ومقاطعيه.. موسم أسا يحدث انقساما خطيرا في قبيلة أيتوسى
لم تسجل قبيلة أيتوسى في الأقاليم الجنوبية انقساما بين أفرادها فيما يخص الحضور في موسم أسا، الذي يطلق عليه اسم "ملكَى الصالحين"، مما يجري في هذه النسخة برسم ذكرى المولد النبوي لسنة 2022.

الوضع أقرب إلى "حرب كلامية" ساحتها منصات التواصل الاجتماعي، وأسلحتها الصورة والصوت، وبين داع لمقاطعة أنشطة "الملكَى" أو الملتقى الديني، بدعوى أن الموسم ليس بأهمية أكثر مما تعرفه المنطقة من تحفيظ جماعي لآلاف الهكتارات من قبل إدارة الأملاك المخزنية، تبرز أصوات أخرى، تعتبر بأن هذا الحراك له خلفية سياسية، يقوده بعض من فشل في حياته السياسية أو المهنية، وممن لهم خلفيات انتقامية من امتياز تم سحبه أو وعد تم خلفه..

لاينكر أحد أنه خلال الأيام الأولى لموسم أسا في هذه النسخة، سيلاحظ الإقبال الضعيف للجمهور، سواء في السهرات الفنية أو الندوات الفكرية أو في المعارض المقامة وكذا عروض التبوريدة وسباق الهجن، الغياب ليس فقط على مستوى عامة الساكنة، بل يشمل قطاعا عريضا من المستشارين الجماعيين الذين يفوق عددهم المائة بإقليم أسا الزاك، غياب تضاربت الأحكام حوله، بين من يقول بنجاح دعوات المقاطعة التي تتبناها لجنة الأرض المكلفة بتدبير رفض تحفيظ الأراضي، وبين من يعتبر أن التوتر الحاصل والإنزال الأمني المكثف خصوصا خلال تحرك الوفد الرسمي، ساهم من قريب أو بعيد في نفور جزء من الساكنة، ومع ذلك يترقب أصحاب هذا الرأي أن يتم استدراك الأمر خلال نهاية الأسبوع الجاري، مع العطلة الدراسية، وقدوم محبي هذا المهرجان من الأقاليم المجاورة.

ليلى، شابة في العشرينيات من عمرها، توضب منتجات الصناعة التقليدية داخل خيمة من خيام المعرض، أكدت لجريدة "أنفاس بريس"، أن الإقبال دون مستوى النسخ السابقة من الموسم، وعزت الأمر إلى أن الفعاليات أقيمت مع بداية الأسبوع الذي تنطلق فيه الأعمال والدراسة، زد على ذلك ارتفاع درجة الحرارة، لكنها بدورها تأمل في أن يرتفع عدد الزوار خلال أيام ذكرى المولد النبوي الشريف، الذي يتزامن مع نهاية الأسبوع.

طول أيام فعاليات الموسم، هو موضوع نقاش ضمن اللجنة التنظيمية، حيث إن تقليصه إلى ثلاثة أيام مطروح منذ سنوات، وهو ما تجدد في هذه النسخة، غير أن الإكراهات التي تواجه تقليص أمد الموسم من أسبوع إلى ثلاثة أيام، هو طقس النحيرة التي تكون يوما قبل ذكرى المولد النبوي، وبالضبط بساحة زاوية أسا التاريخية، وهو الإشكال التنظيمي المطروح بحدة في النسخ المقبلة.

وعلى ذكر شعيرة النحيرة، أي ذبح جمل وإهداء لحمه إلى طلبة الزاوية والمحتاجين، فإنه لأول مرة في تاريخ هذا الموسم الضارب في عمق التاريخ، تقام شعيرتين للنحيرة، واحدة بمكانها الأصلي والتاريخي، والثانية لم يحدد مكانها، دعت لها تنسيقية الأرض التي تتبنى ملف رفض التحفيظ، وهو ما سيدخل الإقليم في دوامة مجهولة الأفق في تدبير هذا الملف، تجد لها صدى عبر منصات التواصل الاجتماعي، في ظل مرور تسع سنوات على أحداث تيزمي الأليمة التي راح فيها الشاب رشيد الشين برصاصة مجهولة لم يتم لحد الساعة الكشف عن مطلقها، وهي الأحداث التي كانت جريدة "الوطن الآن" قد غطتها من عين المكان في أكتوبر 2013.
هو إذن موسم لملكَى الصالحين، تحت إشراف المجلس الإقليمي لأسا الزاك، بدعم من عمالة الإقليم وجهة كلميم واد نون وشراكة مع مجموعة من القطاعات الحكومية.. استطاع منظموه أن يدرج ضمن قائمة الإسيسكو للتراث في العالم الإسلامي، بهدف تعزيز حماية مكوناته الثقافية والفنية والاجتماعية والاقتصادية، وإعادة تأهيلها.

موسم، تقابله فعاليات، أطلق عليها معارضوه من لجنة الأرض "ملكَى الأرض والعرض"، حيث تقام الجمعة 7 أكتوبر 2022، مادته الرئيسية، المتمثلة في منطقة "مزيريكة" على بعد كيلومترات قليلة من الزاك في اتجاه المحبس، وهي المنطقة التي يتخذها بعض شباب أيتوسى، "منصة" للمداومة ليل نهار، حيث أنها مشمولة بمسطرة التحفيظ العقاري.
وعلمت جريدة "أنفاس بريس"، أن هذا الملتقى الذي من المرتقب أن بحضره العشرات من الأيتوسيين، مداخلات قانونية وتاريخية حول ملكية الأرض في أسا والزاك لقبيلة أيتوسى، وكلمات لتنسيقية ولجنة الأرض، والمبادئ والمرتكزات المؤطرة لهذه الاحتجاجات، على أن تتوج الأنشطة في نهاية اليوم بخلاصات وتوصيات..

هي إذن حالة استثنائية يعيشها إقليم أسا الزاك، وحرارة كبيرة ونقاش حاد على خلفية ملف الأرض الذي تعدى التدبير الإقليمي والجهوي ليطرح بحدة مركزيا، بعد أن تأكد توجه والي جهة كلميم واد نون وعامل إقليم أسا ومدير الأملاك المخزنية، إلى وزارة الداخلية بالرباط، الخميس 6 أكتوبر 2023، وهو الاجتماع الذي لم تكشف مضامينه.. وفي انتظار ذلك، لاشيء يلوح في الأفق، منتخبون بعضهم غائب عن هذا النقاش، في تخليهم عن دورهم في تمثيل الساكنة والدفاع عن مصالحها ضمن المصلحة العامة، وتصدر منتخبين إقليميين وجماعيين على قلتهم للدفاع عن أطروحة أولوية الاستثمار على بقاء الأرض موات، وانتزاع عائدات تنموية للإقليم، ومن جهة أخرى لجنة للأرض وتنسيقية، وضعت الأرض ضمن اللامتفاوض عليها، أو ما اعتبرته أراضي أيتوسى خط أحمر، وبين هذا الطرف وذاك، يبقى عبد الجليل ولطيفة.. وغيرهما كثير، المنحدرون من أقاليم الصويرة وقلعة السراغنة والقنيطرة.. سواء ممن شاركوا وضحوا بالغالي والنفيس دفاعا عن حوزة الوطن، في حرب الثمانينات من القرن الماضي ضد هجمات البوليساريو بدعم من الجزائر، أو ممن قدموا للإقليم في تسعينيات نفس القرن، وامتهنوا أنشطة تجارية وحرفا تعد عصب الدورة الاقتصادية، أو حاليا ضمن الوظيفة العمومية المدنية والعسكرية، لايملكون من أرض أو "تراب" سوى سكنهم الخاص على سبيل الاستئجار أو التملك، أو السكن الوظيفي، بحي تيحونا أو الحي الإداري.. ولسان حالهم يقول، "اللهم أدخلنا مدخل سلم وأخرجنا مخرج سلم"..