عبد الرحيم أريري: رجاء لا تدنسوا الهبة الإلاهية بميدلت !!

عبد الرحيم أريري: رجاء لا تدنسوا الهبة الإلاهية بميدلت !! عبد الرحيم أريري
التفاح ليس مجرد مادة تغرس وتجنى وتسوق كباقي المنتوجات الفلاحية، بل هو هبة إلاهية منحها الله خصيصا لميدلت. لماذا وكيف؟
 
التفاح -مثله مثل باقي المغروسات- يعرف عدة أنواع وأصناف، لكن الأصناف الثلاثة الجيدة العالمية من التفاح لا توجد إلا في ميدلت، بالنظر إلى خاصيات مناخية تسمح بإنتاج تفاح ذو جودة عالية تتجلى في :
 
أولا: ارتفاع إقليم ميدلت عن سطح البحر بحوالي 1900 متر.
 
ثانيا: فارق في درجة الحرارة بين النهار والليل (35 درجة نهارا و 10 درجات ليلا).
 
ثالثا: التربة الجيرية والكلسية التي تناسب التفاح لأنها تغذية بالكالسيوم مما يعطي تفاحا جيدا.
 
هذه الخصائص جعلت ميدلت، (رغم كونه إقليما قزميا من الناحية الديمغرافية)، تحتكر لوحدها إنتاج  40 في المائة من الإنتاج الوطني بحصة تقدر ب 250 ألف طن سنويا.
 
لكن هذه الهبة الالاهية تعرف حاليا تدنيسا رهيبا يكمن في غياب المواكبة لاحتضان الفلاحين ومواكبتهم بما يضمن لميدلت الريادة من جهة؛ ويضمن لها أيضا الحفاظ على مناصب الشغل التي يوفرها القطاع من جهة ثانية.
 
المجال المزروع بالتفاح بميدلت يصل إلى 13 ألف هتكار بشكل يؤمن 3.500.000 يوم عمل في السنة (غرس، سقي، تداوي، جني الخ.....)، وهو رقم جد مهم، خاصة وأن ميدلت لا تتوفر على قطاعات رئيسية مشغلة بشكل يثبث الناس بقراهم وبالمراكز الحضرية الصغرى التابعة للإقليم (هناك مشروعين واعدين بإقليم ميدلت يتجليان في محطة بولعجول للطاقة الشمسية و محطة أغبالو للطاقة الريحية اللتين ستخلقان فرص مهمة للشغل بعد الانتهاء من الإنجاز).
 
من الإكراهات المطروحة غياب وحدات التعبئة والتلفيف مما يجعل الحصة الكبرى من منتوج ميدلت من التفاح تسقط بيد مافيا المضاربة (حوالي 200 ألف طن من أصل 250 ألف طن تسقط في كماشة المضاربين!)، وبالتالي تضيع عن ميدلت فرصة التحكم في السوق و في التسويق. وبدل أن تكون ميدلت بورصة وطنية للتفاح، تحولت إلى رهينة بيد المافيا والمضاربين. وهذا ما يبرز قصور الجماعات الترابية بالإقليم ووزارتي الفلاحة والداخلية في استحضار الحاجة للاستثمار في محطات التلفيف بالمنطقة.
 
ثاني إكراه، يتجلى في أن الخصائص المناخية التي حباها الله ميدلت بدأت تعرف بعض الخدوش عبر لجوء أناس إلى استعمال فاحش للمبيدات بهدف الإنتاج السريع والكمي للتفاح، لكن بدون جودة وبدون ضمانة صحية للمستهلك. بدليل أن منحنى الإصابة بمرض القصور الكلوي بدأ يعرف مدا تصاعديا خطيرا بميدلت، وخاصة بالمناطق المطلة على وادي أنزكمير، أحد روافد واد ملوية، وخاصة بمنطقة أيت عياش التي ارتفع عدد المصابين فيها بالقصور الكلوي بشكل مقلق، بسبب تلوث الواد الناتج عن الاستعمال الإجرامي للمبيدات.
 
كفاح فلاحي ميدلت لإدخال "البيان الجغرافي المحمي"، للمنطقة يحتاج لوحده إلى مجلد. بالنظر إلى أن جمعية منتجي التفاح لما صارعت لإدخال هذا البيان لميدلت فلكي ترسل رسالة لكافة المستهلكين (وطنيا وعالميا)، بان تفاح ميدلت هو منتوج بيولوجي وخال من المبيدات من جهة، ولإعطاء ضمانة للمستهلك بأنه يأكل تفاحا ذو منشأ معروف، وبالتالي معرفة خصائص ما سيأكله من جهة ثانية. لكن للأسف بيروقراطية الإدارة المغربية وحالة اللاستقرار المؤسساتي (ميدلت كانت تابعة لجهة مكناس ثم لجهة درعة حاليا) وتراخي الحكومة، حرم ميدلت من الاستفادة من مزايا البيان الجغرافي من عام 2013 إلى اليوم، خاصة وان تفاح ميدلت لا يعرف سوى ست تدخلات كيميائية مقارنة مع تفاح أوروبا الذي يشهد بين 25 و50 تدخل كيميائي حسب المناطق.
 
فرجاء من مسؤولي الحكومة والعمالة والجماعات الترابية أن ينصتوا للفلاحين حتى لا يتم تدنيس الهبة الإلاهية التي منحها الله لإقليم ميدلت !