عبد الدايم: بعض أطر تنسيقية الأرض بأسا يتقاطعون مع قيادات عسكرية للبوليساريو

عبد الدايم: بعض أطر تنسيقية الأرض بأسا يتقاطعون مع قيادات عسكرية للبوليساريو مصطفى عبد الدايم، الناشط الحقوقي والسياسي في إقليم أسا الزاك
تساءل مصطفى عبد الدايم، الناشط الحقوقي والسياسي في إقليم أسا الزاك، عن أسباب عدم وقوف ما سمي أطر تنسيقية الأرض في وجه المؤسسة القطرية التي ترامت على مئات الهكتارات من "تراب أيتوسى"؟
مضيفا في حوار مع جريدة
"أنفاس بريس" أن "تراب أيتوسى" ليست إلا فرصة اقتنصتها مجموعة من "الأطر الأيتوسية" وتستعملها ورقة ضغط وابتزاز ومساومة..

 
يعيش إقليم أسا الزاك على صفيح ساخن، ويتكرر مشكل الأراضي، أو ما يعرف محليا ب "التراب"، ما حقيقة ما يقع في هذا الإقليم الحدودي؟
لأني لا أخشى تسمية الأشياء بمسمياتها، وبعيدا عن الألفاظ الفضفاضة التي يراد بها التهرب اللبق من أي سؤال محرج، أقول لكم أن ما يقع في هذا الإقليم الحدودي هو احتضانه مرة أخرى لتلك القدرات "العجيبة"، التي تشتغل بمنطق الطبيعة لا تحب الفراغ، والتي تستطيع بدهاء ومكر وضع مطامعها الشخصية في (أمبلاج) يختلف باختلاف سقف تلك المطامع، وهكذا رأينا في السابق عندما عم الفراغ  كيف برزت تلك القدرات وتحولت من "مدافعين" عن حق قبائل أيتوسى في المشاركة في عملية تحديد الهوية كقبائل صحراوية، وليس كقبائل الشمال (H61) إلى دعاة "انفصال" حلب منها عديدون منافع وامتيازات شتى، وقادتهم إلى"شرعنة" الاحتجاج والتحكم فيه، مداخل ليس فقط، لتحقيق مآرب شخصية وذاتية، بل مداخل للتقرب من السلطة، وامتلاك جواز المشاركة في الحياة السياسية والاقتصادية.. وطبعا حينها لم تكن قبائل أيتوسى إلا مطية، ولأننا اليوم أيضا نعيش نفس الفراغ ها نحن نواجه وجها آخر لتلك القدرات التي استطاعت ان تجعل مشكل "تراب أيتوسى" حقا أريد به باطل، والباطل أن "تراب ايتوسى" ليست إلا فرصة اقتنصتها مجموعة من "الأطر الأيتوسية" وتستعملها ورقة ضغط وابتزاز ومساومة لتغيير واقع أنها "أطر" فشلت في الانتخابات الأخيرة، وتم إعفاؤها أو تنحيتها من تسيير قطاعات حكومية إقليميًا لاعتبارات عديدة بعضها لسوء التسيير والتدبير، وبعضها لسوء الأخلاق، وبعضها لانتفاء شرط المروءة.. 
 
يعني أن احتجاجات ما سمي تنسيقية الأطر للاستشارة القانونية ودعم لجان الأرض لقبيلة أيتوسى، تتخذ الأمر واجهة لقضاء أغراض أخرى؟
إننا أمام مجموعة "أطر" لجأت، وكل شيء موثق، ساعة إعفائها أو تنحيتها من مناصبها إلى القبيلة واستقوت بها من أجل استعادة تلك المناصب التي اعتبرتها "حقا مكتسبا"، وأصدرت بيانات "تخون" فيها الدولة، وتتهم صراحة مسؤولين عموميين بالوقوف وراء إعفائها وتنحيتها مدعية أن السبب الرئيسي هو انتماؤهم لقبائل أيتوسى، وقد فعلت ذلك أيضا عندما فشلت في الانتخابات السابقة، وللتذكير فقط فإن "الأطر" المعنية لم تُفوت أية مناسبة تعيينات أو إعفاءات في قطاعات حكومية إقليميًا وجهويا وحتى مركزيا، إلا واستدعت الوازع القبلي للنيل من المؤسسات واعتبرتها في كثير من الأحيان تستهدف "العنصر الايتوسي" رغم كفاءته، وحملت ما من مرة الدولة المسؤولية عن ذلك وتقاطعت في ذلك مع "خرجات" راضي الليلي وبعض "ايتوست" البوليساريو بالخارج، وبعض قيادات "النواحي العسكرية" للبوليساريو بتندوف..
ومن داخل منطق "الأطر" المعنية أتساءل: لماذا لم تقف هذا الموقف في وجه المؤسسة القطرية؟ ألم تترامى المؤسسة المذكورة على مئات الهكتارات من "تراب ايتوسى"؟ أليست تراب أيتوسى خط أحمر؟ هل يموت الحق بالتقادم؟ لن أنتظر من "الأطر" إياها جوابا، لأن الجواب ببساطة هو ان تلك "الأطر" يومها كانت تنعم بكراسي في البرلمان، وفي قطاعات حكومية، ولذلك لم تكن على استعداد لنزع "البزولة" من فمها فلم تحرك ساكنا! وأما وقد انقطعت "البزولة" وطارت "مانضة برلماني وامتيازاتها"، وطارت "مانضة مدير اقليمي وسيارة المصلحة والسكن الإداري"، وأصبحت "الأطر" إياها تعيش فشلها الذريع.. ف"الأطر" إياها لن تجد أفضل من "تراب ايتوسى"، فرصة للضغط خصوصا وأنها تعي العلاقة الوجدانية التي تربط المجتمع الأهلي بالأرض.. 
 
هل هذا يعني أن ما يسمى "الحراك الأيتوسي" يهم فئة من الساكنة، وليس محط إجماع؟
جيد أنكم قلتم ما يسمى "حراك أيتوسى" لأن الحراك بالمعنى السياسي هو السعي لإحداث تغيير في الوضع الراهن، بينما ما تقوم به مجموعة "الأطر" هو استقدام لوضع قديم وتثبيته، وهو ما يعني التراجع أو الرجعية، وإلا فما معنى استدعاء النظام القبلي بكل نعراته ونوازعه وميولاته لكبح تطلعات لمستقبل أفضل، ولذلك أنا معكم في أن ما يسمى "حراك أيتوسى"، ليس حراكا فقط لأنه يعكس أزمة العقل عند تلك "الأطر"، إذ كيف نعالج قضايا آنية بأدوات قديمة استنفذت أغراضها، بل ليس حراكا أيضا لأنني لا أعتقد أن ما يقع من اجتماعات وتجمعات هنا وهناك يمكن تسميته ب "حراك" أيتوسى، بل أجدها فرصة لرفع استفهام كبير هل ما يسمى ب "حراك" أيتوسى يعني فعلا كل أيتوسى؟ هل يمتلك أحد التعداد الحقيقي لأيتوسى؟ هل هؤلاء الذين يجتمعون هنا وهناك يمثلون فعلا قبائل أيتوسى؟ وهل من تكلفوا باسم الخمس لتوزيع الشعير المدعم بإقليم أسا الزاك يمثلون فعليا ذاك الخمس؟ هل إشهاد 12 فردا من خٌمس معين في وثيقة عدلية يعني فعليا أنه يمثل ذاك الخمس؟ وعن أي تعداد خمس نتحدث هل الموجود في إقليم أسا الزاك أم الموجود في كل ربوع المملكة والعالم؟ انه لمخجل حقا أن تستنجد "أطر" يفترض فيها الوعي السياسي والاجتماعي بنظام قبلي استنفذ كل شروط وجوده ولم يعد مستساغا إلا كمعطى ثقافي..

"الأطر" إياها تعرف أنها ك "حلاب ناكتو / ناقته فالضاية"، فلم ولن تستطيع تحقيق أي إجماع داخل قبائل ايتوسى، فما بالك داخل سكان اقليم أسا الزاك، وما يحدث أن أغلبية أطر أيتوسى الحقيقية من دكاترة جامعيين ومسؤولين عموميين ومثقفين وإعلاميين وفاعلين سياسيين ومدنيين وحقوقيين تترفع عن السقوط في المستنقع القبلي احتراما  لقناعتها واقتناعها بدولة المؤسسات، علما انها لا تُنكر الانتماء إلى قبائل أيتوسى بعيدا عن (العصبيات وبداوة الانتماء) وهذا رغم إيجابيته ترك الفراغ اللعين الذي سبق وتحدثنا عن بعض أوجهه في الأجوبة السابقة. 
 
كيف يمكن التوفيق بين الحفاظ على الأرض وفي نفس الوقت جذب الاستثمار؟
هذا السؤال يجبرني مرة اخرى على تسمية الأشياء بمسمياتها، فما جعل الانفصال سابقا، ومجموعة "الأطر" حاليا يستقويان بالقبيلة هو الفراغ الناجم عن استكانة المسؤولين بالإقليم إلى الأدوار القبلية في تهدئة الأوضاع، بدل إرساء آليات للتواصل والحوار، والأنكى انحياز المسؤولين لوساطة المنتخبين وتمكينهم من كل الوسائل، ظاهريا على الأقل، للحلول محل السلطة، وقد تخطى الأمر ذلك بترسيخ أسا الزاك إقليما استثنائيا، القانون فيه (حدو امزلوك)، وبشيوع الفراغ اصبح عامل صاحب الجلالة على الإقليم مجرد (عويمل) وأصبح المنتخب مجرد ( femme ménage ) تُمسح فيها كل أخطاء السلطة، بل أصبحت مجبرة على الدفاع عن السلطة وكأنها سبب وجودها.. إنني أتحدث عن السلطة وليس عن الدولة، لأن العلاقة هنا بين السالفي الذكر تجهز على الدولة وفي أحيان كثيرة يتم تهريب الدولة كما حدث ويحدث مع موضوع "تراب أيتوسى" وفي جملة واحدة المقصود بالفراغ انسحاب مؤسسات الدولة.. نعم انسحاب مؤسسات الدولة.. هل كان موضوع الأرض ليأخذ كل هذه المساحات لو اشتغلت مؤسسة عامل الإقليم وأظهرت ما يستحقه موضوع الاستثمار من حزم وجدية؟ هل كان موضوع الأرض سيُطرح بهذه "العنتريات" لو اشتغلت مؤسسة العامل بما يخدم مصلحة الوطن العليا، وما يخدم رهانات ربح النزاع المفتعل حول قضية الصحراء المغربية؟ هل كانت "الأطر" إياها لتستغل العلاقة الوجدانية التي تربط شيوخ أيتوسى بالأرض، لو أن مؤسسة العامل كانت فاتحة أبواب التواصل والحوار؟.

سمعتُ مرارا وتكرارا من بعض شيوخ أيتوسى ومن بعض المتقاعدين (احنا مع الاستثمار.. هذا من التراب  ولحجار لكحل ما فايدتنا بوالو  ال عاد الاستثمار فيه لنا وأولادنا منفعة)، أتحدى عامل الإقليم أو أي مسؤول شرح الاستثمار المزمع إنشاؤه وطبيعته وعوائده على الإقليم، ومن هذا الفراغ تسللت "الأطر" إياها، لذلك فالسؤال الحقيقي من يُهرب الدولة لتحل محلها تقاليد بائدة لأيت الأربعين !؟.
 
الكل يريد الاستثمار، ولكن لا أحد قدم شروحات وافية حول هذا الاستثمار، والأدهى من كل هذا أن تدافعا حزبيا يجتهد لإبعاد امباركة بوعيدة رئيسة جهة كلميم واد نون عن تحمل مسؤوليتها، وتوريط رئيس المجلس الإقليمي لأسا الزاك، والمجالس الأخرى، علما أنها هي - امباركة بوعيدة - ووالي جهة كلميم واد نون ألستما أول من اجتمع بالشركة صاحبة الاستثمار ومع المدير الجهوي للاستثمار.. فهل قمتما بواجبكما؟.
  
الأرض كخلاء قاحل لا أحد سيمنع قيام استثمار فيه ينفع الإقليم وأبناءه، هذه حقيقة يعمل على تعتيمها "أطر" التنسيقية لأنها لا تخدم مصالحهم، كما يعمل على تأخير بروزها وتحققها على أرض الواقع استمرار المسؤولين الترابيين والمنتخبين في تهريب الدولة.. 
 
تأتي هذه التحركات الاحتجاجية عشية تنظيم ملكى الصالحين ومرور تسع سنوات على أحداث تيزمي الأليمة، كيف يمكن في نظرك تجنيب المنطقة ما قد يعيدها للوراء؟.
أستاذ منير من فضلك، أنتم تضخمون الأمور، فعلى أرض الواقع ليست هناك أية احتجاجات عشية تنظيم ملكَى الصالحين، تنظيم ملكَى الصالحين يسير بشكل عادي وكالمعتاد، ويُنتظر أن يأتيه أبناء قبائل أيتوسى وكل قبائل أهل الصحراء المغربية، وكل المغاربة والأجانب من كل حدب وصوب ومن كل فج عميق، لذلك فعن أي احتجاجات تتكلمون، إلا إذا كنتم تتحدثون عن الاحتجاجات في بعض البوابات الإلكترونية أو على بعض صفحات الفيسبوك أما في اقليم أسا الزاك وفي مدينة أسا تحديدا فتنظيم ملكَى الصالحين، موسم زواية اسا الديني التاريخي الذي جاوز تنظيمه 700 سنة، فحدث لا يمكن لبعض "الأطر" الفاشلة أن تعكر صفوه.. 

وبالحديث عن أحداث تيزيمي، ذاك الجرح العميق الذي مع الأسف الشديد لم يجر على المنطقة إلا تراجعات كبرى وحطم معنويات كثيرة، وكانت تلك الأحداث أيضآ مصيدة اصطاد فيها من اصطاد منافع شخصية وذاتية على حساب جموع هزت عزة نفس ليس إلا، واليوم كما بتيزيمي أقول أن الدولة يجب أن تفرض هيبتها، وبعبارة صريحة على عامل اقليم أسا الزاك أن يعمل وفق القانون على استتباب الأمن والأمان بالإقليم، وإقرار الجميع أن زمن "غزي" قد ولى، وأن سلطة "أيت ربعين" أكل عليها الدهر وشرب، وأننا في دولة المؤسسات، ولا نحتكم إلا للمؤسسات، عليه أن ينفذ تعليمات الملك محمد السادس، بضرورة الإنصات لمشاكل وقضايا واهتمامات رعاياه الأوفياء بهذا الإقليم الحدودي، وأما استمراره في التغيب المبالغ فيه عن الإقليم، واستمراره في إغلاق أبواب التواصل والحوار، وسنه إقليم أسا الزاك إقليما استثنائيا، وحده سيتحمل تبعات ذلك وخير له (يحط السوارت) قبل ما تجي الفاس فالراس كما يقال..