عبد الرحيم أريري: أوقفوا عملية اختطاف 800 رجل شرطة بالبيضاء !!

عبد الرحيم أريري: أوقفوا عملية اختطاف 800 رجل شرطة بالبيضاء !! عبد الرحيم أريري
نعرف أنه كلما فتحت مخبزة بالدارالبيضاء، إلا ويخلق معها "منصب شغل" يتجلى في حارس سيارات يجبي من زبناء المخبزة "لاطاكس" !
 
لكن المثير للسخرية اليوم هو أن كل مدرسة خاصة ترخص لها الدولة بشوارع العاصمة الاقتصادية أصبحت "تخلق منصب شغل عشوائي"، يتجلى في استنزاف مرفق الأمن عبر تخصيص شرطي أو اثنين من رجال الشرطة لكل مدرسة خاص، حسب حجم المدرسة الخاصة وحسب نوع الشارع، لتنظيم الاختناق الرهيب الذي أصبحت تشهده شوارع كازا كل يوم مع استئناف الموسم الدراسي.
 
وتزداد حدة الألم، حين نعرف أن كازا تشهد مستويات قياسية في تسجيل التلاميذ بالتعليم الخاص، إذ ناهزت 600 ألف تلميذ( أي أن كازا تحتكر  لوحدها 60 في المائة تقريبا من مجموع تلاميذ القطاع الخاص بالمغرب)، وبالتالي من غير المعقول أن تستمر الدولة في هذا العبث الصبياني: من جهة نجد الدولة ترخص لمدارس خاصة بأماكن لا تتوفر فيها شروط الباركينغ (aire de stationnement)، وتوجد في شوارع لا تتوفر فيها  les marges de recul، بل لا تتوفر حتى على مرابض لحظيرة سيارات النقل المدرسي الخاص بها وبأطرها التربوية، فأحرى أن توفر ذلك لآباء التلاميذ، لضمان انسيابية السير وعدم عرقلة المرور. ومن جهة ثانية نجد الدولة تقوم بتدارك جريمتها بجريمة أكبر ألا وهي  استنزاف رجال الشرطة، الذين بدل أن يوجهوا للتجول  بالفضاء العام مثل : الأسواق والساحات والقيساريات والأماكن السياحية والأحياء الصناعية والساحل بالبيضاء لخلق الإحساس بالأمن لدى المواطن، نجد الدولة تقوم بتجنيد رجال الأمن لتنظيم المرور أمام هذه المدارس الخاصة التي تجني الملايين إن لم نقل الملايير بالنسبة لبعض المؤسسات المشهورة. وهذا لعمري أكبر استهتار بمصالح المدينة وانتظارات سكانها.
 
لا، ليس هذا وحسب، فالدولة لما فشلت في تدبير أوراش البنية التحتية( باص واي، ترامواي، أنفاق، إحداث شوارع، إلخ....)، خنقت حركة السير، وبدل أن تنسخ تجربة المدن الأوربية في كيفية إدارة الأوراش، لجأت للحل السهل: ألا وهو إخراج رجال الشرطة ليقفوا في ملتقيات الطرق وأماكن الأوراش العشوائية لتنظيم السير على حساب المهمة الرئيسية لرجل الشرطة: وهي محاربة الإجرام وتوليد الإحساس بالأمن لديه.
 
فإذا جمعنا عدد رجال الشرطة الذين يرصدون لتنظيم السير بالمدارس الخاصة بالبيضاء كل يوم ( أوقات دخول وخروج التلاميذ) والمقدر بحوالي 400 شرطي، وأضفنا لهم زملائهم الذين يجندون لترميم جراح الأوراش العشوائية ( 400 رجل أمن)، سنجد أن المجموع هو 800 رجل شرطة ، أي ما يمثل خمسة أضعاف رجال الشرطة المخصصين لمدينة الرحمة بإقليم النواصر( تضم الرحمة حاليا قرابة 200 ألف نسمة يتناوب على ضمان أمنهم 24\24 ساعة حوالي 130 رجل أمن فقط !).
 
لنتخيل فقط  أن 800 رجل أمن وزعناها على الفضاء العام بمختلف أحياء كازا، خاصة بالبؤر السوداء( مولاي رشيد وليساسفة والشيشان والتقلية ولمعاكيز ومحطة أولاد زيان وغيرها): ترى ماهو الإحساس الذي سيتولد لدى الساكنة؟
وتبلغ الطامة ذروتها، حين نعلم أن رجال الشرطة المخصصين لتنظيم السير قبالة المدارس الخاصة، يتقاضون أجورهم وتحملاتهم الاجتماعية من الخزينة العامة ( أي من الشعب)، وليس من خزينة المدارس الخاصة المعنية، أو من جيوب مسؤولي شركات التنمية المحلية التي فشل مسؤولوها في تدبير هذا الورش أو ذاك. 

 
فحين نعلم أن مجموع الأجور والتحملات الاجتماعية ل800 شرطي تصل إلى حوالي 70 مليون درهم سنويا، وملابسهم وأسلحتهم ودراجاتهم ومحروقاتهم تصل إلى نفس المبلغ تقريبا، نجد أن سكان الدار البيضاء يخسرون حوالي 140 مليون درهم كل عام ( للمقارنة نفق شارع غاندي كلف المغاربة 140 مليون درهم).
 
فإذا كانت الدولة عاجزة عن عدم الترخيص لمدرسة خاصة لا تتوفر فيها الشروط المذكورة، وإذا كانت الدولة فاشلة في إدارة وتدبير أوراش البنية التحتية، فعلى الأقل عليها أن تتوقف عن سرقة ونهب 140 مليون درهم ( 14 مليار سنتيم)، من الخزينة العامة وبالتالي من جيوب مواطني مدينة الدارالبيضاء، ولتقم بإلزام أرباب المدارس الخاصة المعنية ومسؤولي شركات التنمية المحلية على تحمل هذه الكلفة من ميزانيتهم الشخصية، على شاكلة الملاهي الليلية أو الحفلات أو غيرها التي تلجأ لما يسمى ب "service paye" ، في انتظار " يدير الله تاويل ديال الخير" مع مدينة البيضاء !!