كل ما يقال عن غضب سلطات الرباط وامتعاضها من ابتزاز ولاوضوح فرنسا مع قضايا المغرب، يبقى مجرد "هضرة" ما لم بقرن بالأفعال.
لن أذهب إلى رفع مطلب تغيير مناهج التعليم بالمغرب بتعويض الإنجليزية بدل الفرنسية لقطع "حبل السرة مع فرنسا" نهائيا وجعل المغاربة ينفتحون على العالم من بوابة الإنجليزية، فهذا ورش له مختصون قدموا مايكفي من الحجج. لكن سأكتفي بطرح هذه الأسئلة عسى أن تكذبني الأيام القادمة:
فهاهو التيجيفي الرابط بين البيضاء ومراكش، قد تلهفه فرنسا بدل الشينوا أو كوريا الجنوبية.
وهاهو مشروع السكك الحديدية بين مراكش وأكادير المعلن عنه قد تمنحه الدولة في طبق من ذهب لماما فرنسا، بدل ألمانيا أو النمسا أو ميريكان.
وهاهي مطارح الأزبال ومستودعات النفايات بالمدن الكبرى بالمغرب المعلن عن تدبيرها بالامتياز قد تهدى لشركات فرنسية بدل شركة بيوطرين الكندية أو الشركات الاسكندنافية أو المقاولات المغربية.
وهاهو الترامواي بفاس أو مراكش أو أو مكناس أو أكادير ( والذي بدأ النقاش حول برمجته بهاته المدن)، قد تفوز بصفقته الشركة الفرنسية المدللة من طرف عبيد فرنسا بالمغرب: شركة ألستوم، بدل شركة ميتسوبيشي اليابانية المشهورة في إنجاز الميترو الباطني و"المونوراي"، او الشركة الروسية Uralvagonzavod.
وهاهي فرقاطات البحرية الملكية او الطائرات المقاتلة للقوات الجوية المغربية قد تقتنى من الأوراش العسكرية الفرنسية بدل المعامل الأمريكية أو الإنجليزية أو الروسية.
وهاهي محطات تحلية مياه البحر المسطرة على طول سواحلنا لمواجهة العجز المائي بالمغرب، قد نسمع أن شركات فرنسية قد فازت بصفقاتها، بدل أن تكون من نصيب شركات إسرائيلية لها باع طويل في تحلية المياه مثلها مثل شركات إسبانية مشهورة كذلك في هذا الباب.
فإن تشبتت الرباط بموقفها وأقصت فرنسا من الاستفراد بخيرات وثروات المغرب وحرمت مقاولات فرنسا من انتزاع هذه الصفقات الضخمة، آنذاك سيكتشف المواطن المغربي أن حكومة الرباط "كد فمها كد ذراعها"، أما أن تملأ الحكومة المغربية الدنيا زعيقا وضجيجا بشأن "توتر مزعوم مع فرنسا"، تم تنبطح الدولة وتهدي كل الأوراش الكبرى لمقاولات فرنسا، فهذا يدخل في باب استبلاد ذكاء المغاربة.
فالمغرب يؤخذ كله أو يترك كله. أما سياسة "الذيب حرام وفلوسو حلال"، فقد سئمناها.