هكذا تحدث الحسن لعسيبي عن كتابه الأخير "غنيمة حرب" أو الطب الحديث بالمغرب(مع فيديو)

هكذا تحدث الحسن لعسيبي عن كتابه الأخير "غنيمة حرب" أو الطب الحديث بالمغرب(مع فيديو) الحسن لعسيبي

استضافت القناة الثانية في نشرة المسائية الكاتب والصحافي لحسن لعسيبي من أجل قراءة لكتابه الجديد الصادر بعنوان "غنيمة حرب" أو "الطب الحديث بالمغرب بين سنتي 1888 و1940."وهو بحث تاريخي يتناول فيه الكاتب احداث دخول الطب الحديث إلى المغرب.

 

وهكذا شرح الكاتب في البداية أسباب اختياره "غنيمة حرب" كعنوان أنوأ للكتاب فقال بأن العنوان مقتبس من مقولة للكاتب الجزائري كاتب ياسين حينما تحدث هذا الأخير عن اللغة الفرنسية فوصفها بأنها تعد "غنيمة حرب " وبالتالي فالعنوان اختار أن يكون مغريا ويلخص حقيقة دخول الطب الحديث إلى المغرب.

 

واعتبر العسيبي أن اهتمامه بالموضوع يدخل في إطار اهتمامه بالآليات التي أهلت الذهنية المغربية، وغيرت من رؤية المغربي لذاته وللعالم من خلال 150 سنة الأخيرة، فمنذ حرب 1845 بين المغرب والجيش الفرنسي في شرق المغرب وفي معركة اسلي الشهيرة تحديدا تغيرت ذهنية المغربي وبدأ يطرح السؤال الحضاري الكبير جدا لماذا تقدم الأخر وتخلفنا نحن !؟ مضيفا بأن المغاربة حاولوا أن يبدعوا في الأجوبة، وحاولوا أن ينخرطوا في الحداثة ومنطق السوق الحديث؛ والنظام العالمي الجديد نهاية القرن 19 وبداية القرن 20، وكان سؤال الصحة والطب من بين المداخل الأساسية لذلك، وسجلت محاولات مغربية صرفه لكن فشلت للأسف.

 

وحول ما جاء في الكتاب من حرص الاستعمار على توفير الخدمات الصحية كأنها وسيلة حرب وتثبيت الاستعمار وإلى اي مدى كانت الخدمات الصحة والطب آنذاك وسيلة حرب؟

 

أوضح العسيبي أن الخطة التي انتهجها الاستعمار بخصوص المنطقة التي احتلها من المغرب كانت تتمحور حول "التوازي" بين تحرك الالية العسكرية وتحرك الآلية الطبية، وذلك لأن الاستعمار كان في حاجة إلى حماية جنوده، ومعالجة الجرحى وانقاذ المصابين منهم، ولكن بنفس التوازي اعتبر أن اختراق المجتمع يجب أن يتم عبر الالية العسكرية العنيفة وعبر الآلية الصحية الفعالة في نفس الوقت ، ولهذا جعل الاستعمار الطب أداة عسكرية تبعا لمقولة شهيرة للمقيم العام الفرنسي في المغرب الماريشال ليوطي التي تقول " إذا ما ارسلتم لي أربعة أطباء ساعيد إليكم 800 عسكري!!بمعنى أن أربعة أطباء يقومون بنفس المهمة في الاختراق التي يقوم بها 800 عسكري !!

 

وتطرق كتاب العسيبي إلى نقطة هامة تتعلق بالتغيير الذي أدخله الطب على المجتمع وعلى آلوعي الجماعي للفرد. المغربي فشرح ذلك في مقاربة بسيطة قوامها أن المعلومة تلعب دورا خطيرا في تغيير الذهنيات لأنها تؤدي إلى المعرفة، والمعرفة تؤدي إلى الموقف وبالتالي( فأنت حين تمتلك معلومة جديدة طبية كانت أو اقتصادية أو صناعية... الخ ، فإنه حتما ستتغير رؤيتك لذاتك ولشكل ممارستك الحياة) والمغاربة لهم تجربة في ذلك حين احتكوا بالمعلومة الطبية.

 

وأورد الكاتب كمثال على وقع في بداية القرن العشرين بالدار البيضاء فمع دخول الإستعمار ظهرت موجة كبيرة من الجدري مصحوب بالتيفوئيد والمغاربة كانوا يرفضون التطبيب الفرنسي لكن حين تم الزامهم بالتلقيح ضد الجدري "بالسيف " وظهرت النتائج على مستوى الصحة انتبه المغاربة إلى أهمية هذا المعطى الطبي الجديد. بل أصبحوا هم من يطالبون بالتطبيب. وقد ظهر مصطلح جديد هو "ليبراة " أو إبرة التلقيح، وتأكدت الحاجة إلى التلقيح مع ظهور وباء جنسي آخر الذي هو السيفيليس.

 

وبخصوص تداعيات جائحة كورونا سجل الباحث والصحافي لحسن لعسيبي أن التفاصيل الأخيرة للأزمة الصحية التي عاشها المغرب بفعل كورونا كانت السبب الأول وراء الكتاب فكورونا هي التي دفعته إلى إعادة طرح السؤال حول الطب في المغرب، واعتبر بأن كورونا كانت امتحانا للمجتمعات، مضيفا بأن المغرب له أن يفتخر بأنه إزاء الوباء كانت هناك دولة وإدارة ووعي مجتمعي وأصبحت هناك قناعة ويقين بتعزيز السيادة الصحية التي وردت في إحدى الخطب الملكية كما أن هذا هو أكبر مكسب على مستوى مواجهة هذه الجائحة وأعتقد المتحدث في الأخير إلى أن المغرب بدا يسير في اتجاهين هامين؛ من جهة اتجاه إعادة هيكلة المنظومة الصحية ومن جهة أخرى اتجاه مشروع وحدة التلقيح بابن سليمان وهما اتجاهان اسسا معا للطريق السليمة التي ينبغي أن" نذهب إليها جميعا ولو متأخرين ".