خليل البخاري: تايوان والحرب الباردة بين الصين والولايات المتحدة الأمريكية

خليل البخاري: تايوان والحرب الباردة بين الصين والولايات المتحدة الأمريكية خليل البخاري
وانا اتابع شريط زيارة رئيسة مجلس النواب الامريكي نانسي بيلوسي التي استغرقت أقل من 24 ساعة لتايوان وما شكلته هذه الزيارة من استفزاز مفضوح أسهم في توتر العلاقات بين بكين واشنطن، استحضرت مرحلة الحرب الباردة التي ميزت العلاقات الدولية بعد نهاية الحرب العالمية الثانية.
ان جزيرة تايوان انفصلت عن البحر الصيني منذ انتصار الزعيم الصيني الراحل ماوتسي تونغ زعيم الثورة القومية الديمقراطية وزعيم الحزب الشيوعي في الحرب الأهلية ضد تشين كاي تشاك قائد البورجوازية الصينية المدعوم من الغرب عام 1949.
إذا كانت اوكرانيا شكلت القنبلة التي باتت تهدد القارة الأوربية منذ تفجر الصراع بين روسيا وعموم الغرب بقيادة أمريكا، فإن تايوان تحولت الى أهم قطعة رقعة الشطرنج في الصراع الاستراتيجي بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين حول تشكيل النظام العالمي الجديد وكذلك في صراع النفوذ بين بكين وواشنطن على آسيا ومنطقة المحيط الهادئ.
هناك ثلاثة عوامل رئيسية تجعل من تايوان جزيرة مهمة في استراتيجية النزاع على النفوذ العالمي بين واشنطن وبكين. العامل الأول هو الموقع الاستراتيجي لجزيرة تايوان في بحر الصين الجنوبي كقلعة رأسمالية ذات اقتصاد متقدم يهدد النظام الشيوعي الصيني القائم على الإدارة المركزية للاقتصاد. والعامل الثاني يتمثل في السلاح الاستراتيجي الذي تملكه تايوان وهو سلاح صناعة الشرائح الالكترونية المتقدمة. أما العامل الثالث فيتمثل في قلق واشنطن من أن ترك مصير تايوان للصين ربما يرسل إشارة سلبية لحلفائها في آسيا، بأنها ستتخلى عنهم كما تخلت عن حلفائها في أفغانستان لطالبان. ولذا، تتخوف واشنطن عن خسارة نفوذها في ٱسيا وتفتح الباب أمام الصين المتحالفة مع روسيا لبناء نظام عالمي جديد يهدد موقع واشنطن الاقتصادي والمالي. كما أن تايوان تحظى بموقع استراتيجي في بحر الصين الجنوبي وتعد ممرات بحريا استراتيجيا لحركة التجارة العالمية إلى حلفائها مثل اليابان وكوريا الجنوبية وسنغفورة.
ان علاقات الصين مع تايوان تتصف بسمات معقدة. فتايوان تبلغ مساحتها 36 ألف كلم ويبلغ عدد سكانها حوالي 23مليون نسمة. لكن الناتج القومي لها يصل إلى 660 مليار دولار. ومنا لا شك فيه أن الصين تريد تحويل وضع تايوان السياسي الى جزء رسمي من الصين ولا تريد غزوها ولا تدميرها وأن تايوان لا تشكل تحديا سياسيا أو عسكريا الصين.
تتمتع الصين بشعبية كافية وسط مواطنيها من سكان تايوان. كما أن جيشها الهائل قادر على السيطرة على الجزيرة الصغيرة.
أن الصين نجحت في الانتقال من الصناعات التقليدية التي منحتها لقب مصنع العالم إلى ميدان الصناعات الالكترونية من أجهزة محمولة وحواسيب وصناعة الأنترنيت وعلى رأسها الجيل الخامس.
ان امريكا لا زالت تمارس سياسة القهر والتسلط والتدخل في شؤون الدول دون مبرر بل لتحقيق مصالحها بالدرجة الأولى. فأمريكا تنصب نفسها شرطيا للعالم وامتدت أذرعها إلى حدود الصين التي حذرت الإدارة الأمريكية من اللعب بالنار في مسألة سيادتها على جزيرة تايوان. فالولايات المتحدة الأمريكية تريد كعادتها زرع الفوضى في العالم وترغب في ممارسة سياستها السادسة بكل إصرار.
فقد أججت الخلاف بين اوكرانيا وروسيا واشعلت الخرب بينهما وجلبت حلف الناتو إلى الحرب مطالبة بتقديم الدعم العسكري والمالي والاقتصادي الى أوكرانيا كي تصمد في حربها مع روسيا وادخلت الدول الأوربية في مشاكل أبرزها مشكل الطاقة والغذاء. اضافة إلى أن تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية ملي بالحروب وشعبها يريد الاستقرار.
ان قضية تايوان في نظري تعتبر من شؤون الصين الداخلية ولا يسمح باي تدخل خارجي فيها ولا ينبغي لأحد أن يقلل من تصميم الشعب الصيني وقدرته القوية على الدفاع عن السيادة الوطنية وسلامة أراضيها..لا يوجد سوى صين واحد في العالم، وجمهورية الصين الشعبية هي الحكومة الشرعية الوحيدة التي تمثل الصين بأكملها. والتايوان جزء لا يتجزأ من الأراضي الصينية. وهذا معيار معترف به للعلاقات الدولية واجماع عام للمجتمع الدولي.
 
خليل البخاري، أستاذ التاريخ