ما الذي يبقى من أساس الدارين لو كانت الهزيمة هي المطلوب من هذا الشرخ، في العلاقة بين بلدين راسخين، باقيين في جوار أحدهما الآخر إلى يوم يبعثون؟
المغرب إنما ينتصر لنفسه، وعلى نفسه، عندما يتخلى عن المحاسبة على الأذى أو حتى عن الغرور، فيطلب رأب الصدع.
ولكن الجزائر لم تجرؤ، حتى الآن على الأقل، أن تنتصر لنفسها، ولا على نفسها، بالتخلي عن موقف يعاند كل شيء، ويتصدى بفظاظة لكل محاولات استئناف علاقات الأخوّة بين بلدين وشعبين لا يملكان غيرها في الحقيقة، ولا يليق بهما أن يملكا غيرها أصلا.
فإذا كان كل هذا لا يكفي، فما الذي يكفي؟
كم هو لائق أن تتوسط الجزائر لدعوة الدول العربية لتطبيع علاقاتها مع الرئيس السوري بشار الأسد، بينما لا تفعل هي نفسها الشيء نفسه مع المغرب؟
هل يحتاج الرئيس عبدالمجيد تبون أن يخبره أحد، بما ظل يجري في سوريا من فظائع وجرائم وأعمال تدمير وتهجير جماعي، لكي يرفع على كتفيه ألوية الغفران والتسامح، تلك التي لم يجرؤ على رفعها مع المغرب؟
هناك اسم لهذا السلوك. لا أحد يجرؤ على تسميته باسمه، لكي لا تطال شعرة منه مشاعر جزائري واحد. ولكنه قائم، ومؤذ.
احتراما للجزائر، ومحبة للجزائريين، وحرصا على الروابط الأخوية بين الشعبين، وعلى سقف الدارين وأساسيهما، واقتفاءً حصيفاً للمصالح المتبادلة، وجّه العاهل المغربي دعوته إلى أخيه الرئيس تبون، لرأب الصدع.
المغرب قد ينتظر ردا يكافئ الاحترام بالاحترام، والمحبة بالمحبة، والروابط بالروابط. ولكن كل العرب الآخرين ينتظرون أيضا.
سوف يرون بأم العين، ما إذا كانت الجزائر التي تستضيف قمتهم قريبا، جديرةً بما تدعو له، أم جديرة بما تعاند.
هذا اختبار مهم، لكي تعرف، أيها العربي، من موقعك كطرف ثالث، من هو الظالم.
علي الصراف، كاتب عراقي / عن " العرب"