استفاق الرأي العام صباح يوم الاثنين 11 نونبر 2013 على وقع انتخاب أو تعيين أو اختيار أو التوافق على فوزي لقجع رئيسا للجامعة الملكية المغربية لكرة القدم. أكيد أن الجميع شاهد تلك المناظر الهزيلة المعبرة عن واقع الكرة المغربية الممزق والمبتلى برؤساء ومسيرين يعطون أسوأ نموذج في إثارة الشغب والفوضى. هي ليلة بيضاء سمع فيها أنواع الكلام الساقط داخل مشهد بئيس سقط فيه الجميع في أول تمرين ديمقراطي.
محمد شروق
منذ أن بدأ الحديث عن مغادرة علي الفاسي الفهري لقيادة الجامعة ظهر اسمان لخلافته هما فوزي لقجع رئيس النهضة البركانية وعبد الإله أكرم رئيس الوداد. ووفقا للقانون الجديد الخاص بانتخاب الرئيس والقاضي بالترشيح باللائحة، نجح كل طرف في جمع ثلة من المسيرين. وكانت هناك حملات انتخابية من أجل تقديم المرشحين وبرامجهما. وكان المشهد يبدو وكأننا نسير في اتجاه تحول ديمقراطي ينتقل من فرض رئيس من فوق إلى انتخاب رئيس عن طريق صناديق الاقتراع!!
ففي الماضي القريب كان جمع الجامعة يمر في صمت وسكون إلا من بعض التدخلات المادحة التي تدعو إلى التصفيق للرئيس الوحيد المعين، آخرهم السيد على الفاسي الفهري الذي قدموه خلال الجمع العام للجامعة سنة 2009 على أنه «مرشح سيدنا». وقبله، كان رؤساء من المؤسسة العسكرية أبرزهم الجنيرال دوكور دارمي حسني بنسليمان. وكانت بداية عسكرة الجامعة بعد الهزيمة القاسية ضد المنتخب الجزائري سنة 1979 بتعيين لجنة مؤقتة خلفت مكتبا مسيرا كان على رأسه الكولونيل المهدي بلمجدوب ممثل فريق الجيش الملكي الذي انتخب في جمع عام تاريخي، إذ لم يتفوق آنذاك على مرشح الرجاء عبد اللطيف السملالي إلا بصوت واحد كان هو ممثل نجم الشباب البيضاوي.
إذن كان الجميع ينتظر بأمل، لكن بتوجس القطع مع أسلوب التعيين والمرور إلى إفراز رئيس عن طريق الاختيار الديمقراطي. لكن للأسف بقي الصندوق الزجاجي الذي حملوه إلى قصر المؤتمرات بالصخيرات فارغا. فماذا وقع؟ عبد الإله أكرم وأعضاء لائحته تأكدوا من فوز اللائحة المنافسة، فقرروا الدخول في مناقشات ماراطونية ومناوشات فارغة هدفها عرقلة الجمع، ومن ثم بدأت إثارة البلبلة والفوضى وتبادل السب والشتم داخل القاعة بعيدا عن أية روح أو منافسة رياضية.
وهنا تحول المسار من التوجه نحو التصويت على إحدى اللائحتين إلى الدخول في مفاوضات وتوافق مبني على «النموذج الديمقراطي المغربي»، حيث انتهى الأمر إلى انسحاب لائحة الرئيس الودادي أكرم على أساس ضمه هو شخصيا إلى لائحة منافسه لقجع كنائب للرئيس. والغريب أن أول تصريح قاله وكيل اللائحة المنسحبة هو أنه غلب المصلحة الوطنية على المصلحة الشخصية. فهل هناك أغرب من هذه الغرابة؟ فالسيد أكرم كان نائبا للرئيس السابق وها هو اليوم موعود بنفس المنصب وموعود أيضا بمنصب رئاسة العصبة الاحترافية. فأية مصلحة وطنية يتحدث عنها؟ علما بأنه حتى داخل فريقه الوداد فهو موضوع غضب جماهيري جعل الفريق منذ الموسم الماضي بسببه يلعب أمام مدرجات شبه فارغة وجداريات الدار البيضاء مليئة بالعبارات المطالبة برحيله. وكم مرة تحول مركب بنجلون إلى ساحة تحرير شعارها الوحيد «ارحل يا أكرم».
فهل الحماس المبالغ فيه الذي ميز المرشحين والمشاركين في الجمع العام سواء من هذه اللائحة أو تلك هو دليل على دفاعهم عن المصلحة الوطنية؟ هل كان محركهم هو الدفاع عن برامج وأفكار أم مناصب ومصالح؟ هل تحول أغلبهم إلى «فيدورات» كان عملا عفويا وتلقائيا أم أنهم كانوا أشبه بدمى تحركها جهات تدرك جيدا منذ زمان أن كرة القدم ليست لعبة فقط وإنما أداة لتحريك وترويض الجماهير لن يتخلى عنها المخزن بهذه السهولة. فقد رأينا رؤساء لا يحضرون حتى لمباريات فرقهم ولكنهم في جمع الصخيرات كانوا مصرين على الحضور والبقاء لمدة تزيد عن 15 ساعة، أي ما يفوق المدة الزمنية لدورة كاملة من البطولة الوطنية (ثماني مباريات بتسعين دقيقة).
اليوم وقد وقع ما وقع والزمن لا يرحم، فإن المكتب الجامعي الجديد الذي لم يشكل بعد أمامه رهانات وتحديات أهمها تعيين مدرب للمنتخب الوطني وإرساء قواعد الاحتراف، المولود الذي ازداد مشوها، وإنشاء مركز حقيقة للتكوين وتكوين الأطر، والحرص مع الجهات المعنية على وجود بنيات تحتية مشرفة وتمويل الأندية والعمل على إخراج القوانين المشجعة على الاستثمار في المجال الكروي، وخاصة ما يتعلق بتحويل الأندية إلى شركات. والأهم هو استقلالية القرار الكروي وإبداع أفكار وحلول لأزمة الكرة المغربية. لأن المال موجود والدليل هو صرف 123 مليار سنتيم من 2009 إلى 2012 على مشهد كروي بئيس.
الغريب في الجمع العام أن صرف غلاف مالي يفوق 123 مليار سنتيم المضمنة في التقرير المالي لم يثر النقاش الواجب.. والغريب أن بطولة الهواة شهدت الموسم الماضي توقف شطرها الجنوبي الذي يضم فرق عصبة الصحراء بسبب العجز عن تغطية تكاليف النقل التي لم تكن تتعدى في المجمل 30 مليون سنتيم، وهو الموضوع الذي تطرقت له «الوطن الآن» في وقته.
فوزي لقجع في ست محطات:
- 1970 الولادة بمدينة بركان
- 1994: الحصول على دبلوم مهندس من معهد الحسن الثاني للزراعة والتحاقه بوزارة الفلاحة كإطار
- 2000 انضمامه إلى إدارة الميزانية بوزارة المالية
- الانضمام إلى فريق التفاوض على اتفاقية التجارة الحرة مع أمريكا
- المشاركة في الاتفاق الفلاحي مع الاتحاد الأوروبي
- 2010 تعيينه مديرا لمديرية الميزانية بوزارة المالية
- 2009 انتخابه رئيسا لفرق النهضة البركانية
- 2013 انتخابه رئيسا للجامعة الملكية المغربية لكرة القدم