لا أريد أن أتعب نفسي في البحث عن من سرب ؟ ولأي غاية؟ وكيف؟ وهل؟ فحين يظهر المعنى يصبح الحديث عن الصياغة عبثا، وحين تبدو حقيقة الآية يصير سبب النزول ترفا.
لعل ما شدني ليس قوة القصف بالصواريخ العابرة للمدن، ولا أسلحة الدمار الشامل للاعتبار والشرف، ولا السخاء في توزيع الألقاب والنعوت والصفات، ولا حتى قيام أهل الدار ببعثرة أركان الدار بتدخل مكشوف مفضوح في ترتيبها، بل هو تلك النتيجة الثابتة بالأرقام التي جعلت التسعين يدخلون في خانة أهل النصب والقمار، والعشرة الناجية، في زمرة المبشرين بجنة رجل وأي رجل.
لن تنفع كتب الاحتجاج ولا هواتف الاعتذار، ولا بيانات الاستنكار، فهذا لن يغير ما بداخل قوم يرون في قوم آخرين شرذمة من المرتزقة الغشاشين المزيفين، ويعانون منهم ومعهم أكثر ما يعانون مع انشغالاتهم العملية اليومية، كل هذا يجعل من تلك العلاقات والابتسامات التي يوزعها القوم على بعضهم البعض في الردهات والممرات تدخل في خانة الصفراء الباهتة المغشوشة، ويجعل مشي بعضهم في جنائز بعض عملا تنفر منه الملائكة، وينقلب فيه الأجر والثواب خاسئين.
تقول دراسة صاحبنا إنه من بين كل مائة، هناك تسعون حاملين لفيروس الخداع، وعشرة أثبتت تحاليل المتحدث خلوهم من فيروس النصب والقمار، دون أن يعرض المتحدث استمارة العفة التي اعتمدها، والعينات التي أخضعها، وعنوان مختبره العجيب.
يؤثر التوجس والتنافر بين أفراد الأسرة الواحدة سلبا على جودة الحصيلة والغلة، فالمتحدث شهد في التسجيل أنه يخاف من تبرئة المتهمين، حتى لا يحقق رغبات "النصابين"، لتصبح البراءة مزاجا وهوى، وعملة تنفق حسب الحاجة، فيدخل صاحبنا نفسه في خانة التسعين دون أن يدري، ويجر معه زميلته التي خاطبته بلغة حادة تأمره فيها بصنع حكم يروقها ويروق أم أحد المتهمين وهي عاملة نظافة لدى أحد المغاربة اليهود.