ميساوي: من أسباب الشغب الرياضي استغلال الجمهور فضاءات الملاعب للتعبير عن احتجاجه ومطالبه الاجتماعية

ميساوي: من أسباب الشغب الرياضي استغلال الجمهور فضاءات الملاعب  للتعبير عن  احتجاجه ومطالبه الاجتماعية حمد ميساوي
يعتبر الشغب الرياضي والعنف الممارس من طرف الجماهير من الأعمال المشينة، سواء كانت داخل أو خارج الملاعب الرياضية، كما أنها تعد أعمالا خارج المألوف والعادة وتعاكس الأخلاق والآداب  التي يجب أن يتحلى بها الجمهور المغربي. وللأسف أصبحنا نلاحظ في المدة الأخيرة تجاوزات بعض الجماهير الرياضية التي تخلف خسائر مادية فادحة في الممتلكات، وتؤدي كذلك إلى إصابات بشرية. وتحولت الملاعب بسبب استفحال هذا الشغب من فضاءات احتفالية للفرجة والمتعة كما كانت في السابق إلى حلبة للصراع والعنف والعنف المضاد يذكيها حماس مندفع للجمهور بكل ما أتيحت له من وسائل وأدوات.. وأعتقد بأن هذا العنف وصل إلى الحد  الذي أصبح التعامل معه  كظاهرة اجتماعية حسب علماء الإجتماع، خاصة وأنها برزت خلال هذه السنة بشكل متوال خلافا لما كان عليه الأمر في السنوات  السابقة، حيث كانت تحدث أعمال  العنف بشكل متقطع وفي حالات معزولة مرتبطة في الغالب بالأخطاء في التحكيم أو التنظيم..

وهكذا بتنا نلاحظ أنه لا تكاد تخلو مباراة رياضية، وخاصة في كرة القدم باعتبارها الرياضة الأكثر شعبية، دون أن يصاحبها عنف يتجاوز الحد المعقول و يخلف خسائر فادحة وغير مقبولة بتاتاً.

والحديث عن أسباب  ظاهرة الشغب داخل الملاعب يحتاج إلى دراسة متأنية من جوانب متعددة، لكن يمكن مع ذلك تسجيل بعض من هذه الأسباب. فبالاضافة إلى تناول بعض الأنواع من المخدرات التي تخرج متناوليها من الجمهور عن حالتهم الطبيعية، ويرتكبون الحماقات، هنالك كذلك الاحتجاجات الاجتماعية، حيث   يستغل الجمهور الفضاءات داخل وحتى خارج  الملاعب كي يعبر عن مطالبه الاجتماعية ويشهر غضبه، في غياب التأطير السياسي اللازم، وعدم توفر فضاءات بديلة مناسبة ومسهلة للاحتجاج. وبالتالي فهذه الظروف حولت معها الجماهير الملاعب كحلبة للاحتجاج، وترديد اغان وشعارات تعاكس التوجهات والسياسة العامة، وترفع مطالب  ملحة في التشغيل والصحة والتمدرس…إلخ، علما بأن الإحصائيات تقول إن هنالك أكثر من 3 ملايين شاب مغربي لا يدرسون ولا يتوفرون على أية شهادة أو تكوين مهني، وهم عاطلون عن العمل، وهي كلها عوامل تقف وراء الشغب والعنف. بل ومن الأكيد أنه في القادم  من الأيام ستدور عجلة العنف وتتسع باستمرار مادامت أسباب وخلفيات الاحتجاجات لم تعالج بعد، من  بطالة وتدني الخدمات الإجتماعية وفقر ومخدرات.  

ولمواجهة  معضلة شغب وعنف الملاعب يجب وضع حد لإشكالية تعاطي المخدرات، وذلك بمحاربة الشبكات المروجة لها خارج وداخل الملاعب، ولابد كذلك من إعادة تكوين وتعليم الشباب الذي يشكل القاعدة الأساسية للجمهور الرياضي بفتح أبواب مراكز التكوين المهني وإعطائهم  فرصة لتعلم حرف ومهارات لا تحتاج إلى مدة طويلة من التكوين كالصباغة مثلا، وفتح أبواب الشركات.
 
لاستقطابهم، وكذلك التأكيد على أهمية فتح المراكز الثقافية ومراكز دور الشباب التي صرفت عليها الدولة الملايير. لكن نجد أن أغلبها اليوم مغلقة في وقت يجب أن تلعب فيه دورها كرافعة للتعليم والتأطير التربوي والأخلاقي. ولابد بالمناسبة أيضا من توجيه رسالة إلى الجمعيات الرياضية قصد العمل على تجويد لغتها في  التواصل مع هؤلاء الشباب بشكل سلس ومباشر من أجل توعيتهم  كجمهور بمخاطر الشغب الرياضي وما يخلفه من خسائر وأضرار على مستوى الساكنة المجاورة للملاعب والمدينة والمجتمع ككل.