وحذر الخبير قزيبر من تفاقم التضخم نتيجة الحرب في أوكرانيا، حيث اتضح أن العديد من المواد الأساسية كالغاز والبترول والمواد الغذائية مصدرها البلدان المعنية بالصراع، وهو أمر لم يكن في الحسبان لمختلف الدول والحكومات على الصعيد العالمي، وخاصة على مستوى حجم هذا التأثير والتداعيات المترتبة عنه، موضحا بأن هذا الارتفاع المهول لنسبة التضخم الذي لا تعرف وجهته فاجأ حتى المؤسسات المفترض فيها امتلاك الأدوات اللازمة، وامتلاك بنية قوية في تحديد التوقعات والفرضيات خاصة البنوك المركزية باعتبارها الأجهزة الرئيسية التي تسهم في بلورة السياسات النقدية والتي لم تتوقع مثل هذه النسب المسجلة اليوم بحيث أن توقعاتها بشأن التضخم كانت عموما دون مستوى النسب المسجلة على أرض الواقع، مؤكدا بأن ما وقع يسائل الأجهزة صاحبة القرار في تحديد السياسات النقدية من حكومات، ولكن أيضا على الخصوص البنوك المركزية ومنها بنك المغرب.
وأضاف محاورنا قائلا : "من الطبيعي أن تؤثر الأحداث الظرفية غير المتوقعة والمتميزة بطابعها الاستثنائي الكبير مثل الحرب في أوكرانيا على اتجاهات الأسعار، وأن تقوم ببعثرة التوقعات الأصلية التي وضعتها البنوك المركزية بشأن نسبة التضخم، غير أن مهينة هذه المؤسسات – أي البنوك المركزية – كان من المفترض فيها أن تتوقع الأسوأ لوضع السياسات الكفيلة لمواجهته على المستوى النقدي كأسعار الفائدة وغيرها، خاصة وأنه كانت هناك مؤشرات واضحة لتدهور الوضع في أوكرانيا مع الأخذ بعين الاعتبار تداعياتها الدولية وخاصة بالنسبة للبلدان النامية بهدف وضع خطط استباقية ".
وأكد أن أن التضخم ليس شأنا نقديا فقط يمكن التحكم فيه عبر السياسة النقدية وأسعار الفائدة وقيمة العملة وغيرها، بل إنه مواجهته هي حصيلة عمل مشترك على المستوى الاقتصادي والميزانياتي والنقدي من طرف مختلف الهيئات والمؤسسات المعنية.
وسجل قزيبر أن البنوك المركزية وضمنها بنك المغرب، ومن أجل استدراك الوضع وتفادي الوقوع مجددا في نفس الأخطاء تحاول رسم صورة قاتمة عن التطور المستقبلي لظاهرة التضخم، وذلك بالتأكيد على تواصلها مستقبلا على الأقل على المدى القصير مع اتخاذ تدابير موازية تتعلق بالرفع من أسعار الفائدة كإجراء يسمح بمواجهة التضخم ويكفل تزويد الاقتصاد الوطني بالسيولة اللازمة لضمان استمرارية عجلة الإنتاج وعدم التأثير السلبي على النشاط الاقتصادي وتجنب تداعياته الاجتماعية.