عبد العالي بلقايد: عيد الأضحـى بين البعد الاجتماعي والبعد الديني

عبد العالي بلقايد: عيد الأضحـى بين البعد الاجتماعي والبعد الديني عبد العالي بلقايد
«ما يشكل قوة العرب حاليا ليس البترول فقط، بل أيضا لاهوتهم وتصوفهم ولغتهم الرائعة. ولكن كل قوة هي في حد ذاتها ضعف كبير». (عبد الكبير الخطيبي - النقد المزدوج ـ  منشورات عكاظ ص 45 السنة 2000).
فقوة العرب لا تتوقف على المقدرات المادية لوحدها، بل تتعداها لحيازتهم قوة القيم المتجسدة في الدين، التصوف، واللغة الرائعة. ولكن ألا تتحول هذه القيم إلى عائق؟.
فحين تحيد العوائد الاجتماعية بهذه القيم عن مقاصد الشريعة في غاية إحلال الطمأنينة والرفاه النفسي والاجتماعي للإنسان الذي هو مبتدأ ومنتهى الشريعة، ألا تشكل مطبات للسكينة والدعة التي هي من مرامي الدين الحنيف الساعي إلى تكريم وتعظيم الإنسان في سائر مناحي حياته؟ (لقد كرمنا بني آدم وحملناه في البر والبحر ورزقناه من الطيبات) الإسراء الآية 70.
لقد اجمع علماء الأمة على إسقاط اقتناء الأضحية عن من به عوز درءا للكثير من الممارسات التي تفتح الباب لما يخالف الشريعة كالربا (الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس...) سورة البقرة الآية 75.
إن تغليب العوائد عن المقاصد قد يضر بالتماسك الإجتماعي الذي يفشيه التفاخر بين الجيران والأسر حول من بإمكانه شراء أجود الأضاحي وأملحها، وأمر كهذا له أثر على نفسية أطفال عديمي القدرة.
«إن الأعياد في ديننا لها بعد تعبدي، كما أن لها أبعادا اجتماعية واقتصادية وتربوية لا يمكن فصلها عن البعد التعبدي، لأن الكل دين. فالعادة الاجتماعية إذا كانت لا تخالف نصا شرعيا ولا أصلا عقديا ولا مبدأ أخلاقيا فإنها تتحول إن قصد بها الشخص وجه لله عبادة». حسب تصريح صحفي سابق لرئيس المجلس العلمي للصخيرات تمارة 19 يوليوز 2021، ويضيف أن هذه الشعيرة التعبدية قد تصبح معصية يأثم صاحبها إن قصد بها غير ما شرعت له كالإفتخار والتكبر والإعجاب بالنفس والتطاول على الخلق. 
إن أي إصلاح لا يستقيم إلا بالإصلاح الديني الموكول لعلماء الأمة لينخرط فيه فيما بعد فعاليات من مشارب أخرى. فالقيم الدينية كنز مشترك ولاحم للتماسك الإجتماعي المؤسس للمشترك المجتمعي الضروري في المراحل التاريخية الفارقة التي يسود فيها اللايقين والمفاجئات الغير منتظرة.
الكثير من التحولات أضحت تفرض التفكير بطريقة تلائم بين النص وكدا تحولات، فغلبة السكن المشترك، والعمارة العمودية باتت تفرض ملائمة هذه الشعيرة مع هذا التحول المجتمعي، فقد اتفق جمهور أهل العلم بما فيهم أصحاب المذاهب الأربعة على أنه يشترط في الأضحية أن تكون من الأنعام  وهي الإبل والبقر والغنم.
ألا يلائم اختيار البقر كأضحية مشتركة جديد الشروط الإجتماعية التي لا توفر فضاءات رحبة للذبح والسلخ؟ قد تناسب وضعية الأسر ذات الدخل المحدود التي تعيش إكراهات (التربية ، الدواء ، العطل...).
في ظل هذه التحولات العميقة، باتت تفرض نقاشا مجتمعيا هادئا تقوده المؤسسات الوسيطة من إعلام، جمعيات، منابر المساجد، المؤسسات التربوية، الفعاليات الفتية لأجل تحويل تصرفات وعوائد المجتمع للتكيف الضروري ثقافيا مع هذه التحولات دون التفريط في عمقنا الديني والحضاري أصل قوتنا الذي يمنحنا الكثير من أسباب القوة.
 
عبد العالي بلقايد/ باحث في التراث