الخميس 28 مارس 2024
كتاب الرأي

المرابط: حراك الريف في عامه الثاني، بين معادلة الداخل والخارج، ومطلب العفو العام!

المرابط: حراك الريف في عامه الثاني، بين معادلة الداخل والخارج، ومطلب العفو العام!

يفرض ما بعد إحياء الذكرى الأولى لاستشهاد محسن فكري، في 28 أكتوبر 2017، على المتتبعين الإمساك بأبعاد صورة حراك الريف، في مخاض عامه الثاني. ولعل هذه المهمة تفرض تتبع ملامح ذلك من خلال الوقوف على نسختي الخارج والداخل في الحراك.

1- لقد أراد جمهوريو وانفصاليو حراك الريف بأوروبا بأن تكون الذكرى الأولى لاستشهاد محسن فكري مناسبة لميلاد جديد للحراك، بمسحة أكثر راديكالية باعتبار أن الحراك بدون الفكر الجمهوري سيكون مصيره الموت.

وكان الخلاف بين التنسيقية الأوروبية لدعم حراك الريف، وهؤلاء الجمهوريين ظاهرا في تحديد مدن احتضان تخليد هذه الذكرى. ففي الوقت الذي دعت فيه التنسيقية الأوروبية إلى احتضان ذلك في كبريات المدن الأوروبية، كروتردام وباريس ومدريد وبرشلونة، فإن الجمهوريين طالبوا بالاقتصار على روتردام وبرشلونة.

وبالفعل تم استثمار هذه الذكرى لخلق تنظيمات أخرى للريفيين- تنضاف لما تم إنشاؤه أثناء الحراك-، والتي فتحت بابا للنقاشات البينية بين ريفيي المهجر حول الحسابات البنكية التي فتحتها لجمع التبرعات. كما تم استثمار هذه الذكرى لتركيز الهجوم على اليسار الديموقراطي، والذي لم يسلم منه حتى المعتقل محمد المجاوي، بدعوى خلفيته اليسارية.

لكن ما يستوقفنا في ظل هذه التفاعلات، هو النقاش الذي دشنه الإعلامي الريفي رشيد امحاولن، مدير قناة ريفيزيون Rifision، وهو يخضع أداء الجمهوريين لمشرحة النقد،حيث ثارث ثائرتهم ضده. وتوحد عبد الصادق بوجيبار، وجابر الغديوي (يوبا)، وبلال عزوز، لمواجهة الزلزال الذي أحدثه امحاولن، بتصديه للفكر الأحادي والفاشية اللايفية، و امتدح  نوفل المتوكل توحد الثلاثي يوبا وبلال وبوجيبار، واعتبر نفسه رابعهم، وإن كان هذا الرباعي متذبذب المواقف،لأنه لا يملك استقلال إرادته.

لقد كانت التمرينات الأولى لرشيد امحاولن في مساءلة أداء الجمهوريين، كافية لينفلت معجم السب في أحط مفرداته، من عقال فتية جمهوريي الفايسبوك. لكن بالرغم من ذلك، كان لعمل امحاولن أثره الفوري، كإعلان يوبا انسحابه من حركة 18 شتنبر لاستقلال الريف، وتحميلها المسؤولية في تعقيد ملف المعتقلين، والتزام بوجيبار بعدم إقحام قناعاته الجمهورية في الحراك، وهو يعلن انخراطه فيه مجددا ضمن محدداته الاجتماعية.

ما قام به رشيد امحاولن، هو لا ينفصل عما يقوم به الديموقراطيون بالخارج لمحاصرة منطق الفاشية والإستبداد في شعارات الثورية المفترى عليها. وهذا يبين أن المغرب يواجه تحديا حقيقيا عبر بوابة أوروبا، يهدد صرح بنائه الديموقراطي الهش ووحدته الترابية، وأن العقلية المخزنية لا تقيم الأمور بشكل سليم، من منطلق الفرز الحقيقي للخرائط السياسية، في وقت يمثل فيه عمل الديموقراطيين بالخارج بمختلف مشاربهم، حصانة للمكتسبات المؤسساتية للبلاد،مما يظهر أن الدولة ينتظرها عمل مغاير في أوروبا، لا يقل أهمية عن ذاك الذي ينتظرها في الريف.

2- أما على المستوى الداخلي، فنلاحظ بعد إحياء الذكرى الاولى لاستشهاد محسن فكري،هدوء الشارع. لكن عدمية الحراك- في ظل غياب الحل السياسي- ستبقى تعشعش في العقول والصدور. ويجب الانتباه جيدا لهذا الجانب. وإذا استثنينا منحنيات المسار القضائي، فإن تحفظ المخزن على مبادرة الدكتور التدموري، ما زال ساريا، وهو ما جعله يبعث برسالة مفتوحة وبمسحة وجدانية للمعتقلين، في 16 نوفمبر 2017. وفي إطار التغذية الراجعة، كانت الرسالة الصوتية لناصر الزفزافي بمسحة وجدانية هي الأخرى في21 نوفمبر 2017، والتي يستوقفنا فيها، التأكيد على الخلفية الاجتماعية للحراك، والتأكيد أيضا على الوطن، وعلى سمو الوطن، والمصلحة العليا للوطن. وإذا كانت هناك أمور أخرى في حاجة إلى أن يبلور فيها الزفزافي الموقف، فإن رسالته حتى وهي تجعل كلا من توصيف الأستاذ البوشتاوي لزنزانته الإنفرادية، و موقف مدير إدارة السجون من ذلك، في إطار "التدليس" على الحقيقية الإعتبارية لوضع الزفزافي في هذه الزنزانة، كذلك حتى وأن هذه الرسالة تعدنا ببيان قادم، مما سيزيد من إحراج البوشتاوي وإدارة السجون، فإنها بالقدر الحالي تنطوي على استعداد لحل سياسي لملف الحراك، وهو ما يعطي زخما لمبادرة التدموري.

وإلى جانب هذه التطورات، هناك في الأفق ندوة بمناسبة اليوم العالمي لحقوق الإنسان، حول حراك الريف، ستدفع بها مجموعة من القوى الحية، لبلورة تصور تعبوي بغاية الحل السياسي، إذا ما سمحت السلطات بإقامتها في الحسمية، فسيمثل ذلك مؤشرا على استعادة الحياة السياسية لطبيعتها في الريف، مما سيساعد على خلق مناخ صحي، سيكون له ما بعده بالتأكيد.

ملامح معادلة الحراك في عامه الثاني في الداخل والخارج، بصرف النظر عن آفاق نضالات الديموقراطيين هنا وهناك، تجعل مجمل الوضع ابتداء وانتهاء، في حاجة إلى مطلب العفو العام عن المعتقلين، وحتى عن جمهوريي وانفصاليي الحراك بأوروبا. إذ من شأن هذا العفو الشامل، المساعدة على حل مختلف إشكالات الريف ضمن مناخ مناسب لمتطلبات النهوض الحقيقي بهذا الجزء الغالي من التراب الوطني.